لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُمْ، وَإِنْ سَبُّوا الْإِمَامَ عَزَّرَهُمْ، وَإِنْ جَنَوْا جِنَايَةً أَوْ أَتَوْا حَدًّا أَقَامَهُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
ارْتَكَبَ كَبِيرَةً، وَتَرَكَ الْجَمَاعَةَ (وَلَمْ يَجْتَمِعُوا لِحَرْبٍ) وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ، وَلَمْ يَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا، فَحَكَى الْقَاضِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِذَلِكَ قَتْلُهُمْ وَلَا قِتَالُهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ (لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ) وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لِمَا رُوِيَ «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَخْطُبُ، فَقَالَ رَجُلٌ بِبَابِ الْمَسْجِدِ: لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، ثُمَّ قَالَ: لَكُمْ عَلَيْنَا ثَلَاثٌ: لَا نَمْنَعُكُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ تَذْكُرُوا فِيهَا اسْمَ اللَّهِ، وَلَا نَمْنَعُكُمُ الْفَيْءَ مَا دَامَتْ أَيْدِيكُمْ مَعَنَا، وَلَا نَبْدَؤُكُمْ بِقِتَالٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي الْمَدِينَةِ» ، فَعَلَى هَذَا: حُكْمُهُمْ فِي ضَمَانِ النَّفْسِ، وَالْمَالِ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ يَتَعَرَّضُونَ وَيُكَفِّرُونَ، قَالَ: لَا تَعَرَّضُوا لَهُمْ، قُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يُكْرَهُ مِنْ أَنْ يُحْبَسُوا، قَالَ: لَهُمْ وَالِدَاتٌ وَأَخَوَاتٌ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: الْحَرُورِيَّةُ إِذَا دَعَوْا إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ إِلَى دِينِهِمْ فَقَاتِلْهُمْ، وَإِلَّا فَلَا يُقَاتَلُونَ (وَإِنْ سَبُّوا الْإِمِامَ) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ صَرِيحًا (عَزَّرَهُمْ) لِأَنَّهُمُ ارْتَكَبُوا مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ، وَإِنْ عَرَّضُوا بِالسَّبِّ فَفِي تَعْزِيرِهِمْ وَجْهَانِ، وَقَالَ فِي الْإِبَاضِيَّةِ، وَسَائِرِ أَهْلِ الْبِدَعِ: يُسْتَتَابُونَ، فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، وَأَمَّا مَنْ رَأَى تَكْفِيرَهُمْ فَمُقْتَضَى قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ يُسْتَتَابُونَ، فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا قُتِلُوا لِكُفْرِهِمْ (وَإِنْ جَنَوْا جِنَايَةً أَوْ أَتَوْا حَدًّا أَقَامَهُ عَلَيْهِمْ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ فِي ابْنِ مُلْجِمٍ لَمَّا جَرَحَهُ: أَطْعِمُوهُ، وَاسْقُوهُ، وَاحْبِسُوهُ، فَإِنْ عِشْتُ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي، وَإِنْ مِتُّ فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تُمَثِّلُوا بِهِ، وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِبُغَاةٍ فَهُمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ فِيمَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَلِأَنَّ فِي إِسْقَاطِ ذَلِكَ عَنْهُمْ تَجْرِئَتَهُمْ عَلَى الْفِعْلِ، وَذَلِكَ مَطْلُوبُ الْعَدَمِ.
أَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ فِي مُبْتَدِعٍ دَاعِيَةٍ لَهُ دُعَاةٌ: أَرَى حَبْسَهُ، وَكَذَا فِي " التَّبْصِرَةِ ": عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُهُمْ وَرَدْعُهُمْ، وَلَا يُقَاتِلُهُمْ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعُوا لِحَرْبِهِ فَكَبُغَاةٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا فِي الْحَرُورِيَّةِ: الدَّاعِيَةُ يُقَاتَلُ كَبُغَاةٍ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ يُقَاتَلُ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ، وَكُلُّ مَنْ مَنَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute