للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ، أَوِ اتَّخَذَ لِلَّهِ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا، أَوْ جَحَدَ نَبِيًّا، أَوْ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ سَبَّ اللَّهَ، أَوْ رَسُولَهُ، كَفَرَ.

وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ، أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ (وَهُوَ الَّذِي يَكْفُرُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ) لِأَنَّهُ بَيَانٌ لَهُ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [البقرة: ٢١٧] وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا مُسْلِمًا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ (فَمَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ) أَيْ: إِذَا كَفَرَ طَوْعًا وَلَوْ هَازِلًا بَعْدَ إِسْلَامِهِ، وَقِيلَ: وَكَرْهًا، وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ، فَإِذَا أَقَرَّ بِالْإِسْلَامِ ثُمَّ أَنْكَرَهُ، أَوْ أَنْكَرَ الشَّهَادَتَيْنِ، أَوْ إِحْدَاهُمَا، كَفَرَ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُهَادَنُوا عَلَى الْمُوَادَعَةِ، وَلَا أَنْ يُصَالَحُوا بِمَا يُقِرُّونَ بِهِ عَلَى رِدَّتِهِمْ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْحَرْبِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي (أَوْ جَحَدَ رُبُوبِيَّتَهُ، أَوْ وَحْدَانِيَّتَهُ) لِأَنَّ جَاحِدَ ذَلِكَ مُشْرِكٌ بِاللَّهِ تَعَالَى (أَوْ) جَحَدَ (صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ) اللَّازِمَةِ، قَالَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، لِأَنَّهُ كَجَاحِدِ الْوَحْدَانِيَّةِ، وَفِي الْفُصُولِ: شَرْطُهُ أَنْ تَكُونَ الصِّفَةُ مُتَّفَقًا عَلَى إِثْبَاتِهَا، أَوِ (اتَّخَذَ لِلَّهِ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا) لِأَنَّهُ تَعَالَى نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَنَفَاهُ عَنْهُ، فَمُتَّخِذُهُ مُخَالِفٌ لَهُ غَيْرُ مُنَزِّهٍ لَهُ عَنْ ذَلِكَ (أَوْ جَحَدَ نَبِيًّا) لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ جَاحِدٌ لِنُبُوَّةِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ، (أَوْ) جَحَدَ (كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، أَوْ شَيْئًا مِنْهُ) لِأَنَّ جَحْدَ شَيْءٍ مِنْهُ كَجَحْدِهِ كُلِّهِ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ الْكُلِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى (أَوْ سَبَّ اللَّهَ، أَوْ رَسُولَهُ، كَفَرَ) لِأَنَّهُ لَا يَسُبُّ وَاحِدًا مِنْهُمَا إِلَّا وَهُوَ مُكَذِّبٌ جَاحِدٌ بِهِ، وَكَذَا إِذَا ادَّعَى النُّبُوَّةَ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَوْ كَانَ مُبْغِضًا لِرَسُولِهِ، وَلِمَا جَاءَ بِهِ اتِّفَاقًا.

فَرْعٌ: إِذَا كَذَبَ عَلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَقِيلَ: مُسْتَحِلًّا، أَوْ قَذَفَهُ، كَفَرَ، وَإِنِ اسْتَحَلَّ الْكَذِبَ الْمُحَرَّمَ عَلَى غَيْرِهِ كَفَرَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيمَا يَعْلَمُ صِدْقَهُ فِيهِ غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ أَثِمَ، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ عُزِّرَ، فَإِنْ تَابَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قُبِلَتْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>