للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْنَثْ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَحْنَثُ، وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إِنْ كَلَّمْتُمَا هَذَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا مِنْهُمَا - طُلِّقَتَا، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يَحْنَثَ حَتَّى يُكَلِّمَا جَمِيعًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَمَرْتُكِ فَخَالَفْتِنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَنَهَاهَا، فَخَالَفَتْهُ - لَمْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ أَسْمَعَهُ كَلَامَهُ، يُرِيدُهُ بِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ خَاطَبَهُ بِهِ؛ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ تَكْلِيمِهِ قَدْ حَصَلَ بِإِسْمَاعِهِ كَلَامَهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَتَهُ، فَجَامَعَهَا، لَمْ يَحْنَثْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ هِجْرَانُهَا.

فَرْعٌ: إِذَا حَلَفَ لَا يَقْرَأُ كِتَابَ زَيْدٍ، فَقَرَأَهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَمْ يُحَرِّكْ شَفَتَيْهِ بِهِ، حَنِثَ؛ لِأَنَّ هَذَا قِرَاءَةُ الْكُتُبِ فِي عُرْفِ النَّاسِ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ حَقِيقَةَ الْقِرَاءَةِ.

١ -

(وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إِنْ كَلَّمْتُمَا هَذَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ) وَقُلْنَا: لَا يَحْنَثُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا مِنْهُمَا - طُلِّقَتَا) ؛ لِأَنَّ تَكْلِيمَهُمَا وُجِدَ مِنْهُمَا، وَكَمَا لَوْ قَالَ: إِنْ رَكِبْتُمَا هَاتَيْنِ الدَّابَّتَيْنِ، فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، فَرَكِبَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ دَابَّةً (وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يَحْنَثَ حَتَّى يُكَلِّمَا جَمِيعًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهُمَا بِكَلَامِهِ لَهُمَا، فَلَا تُطَلَّقُ وَاحِدَةٌ بِكَلَامِ الْأُخْرَى وَحْدَهَا، كَقَوْلِهِ: إِنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا، وَكَلَّمْتُمَا عَمْرًا، وَهَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ أَوْلَى - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ.

قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": هَذَا مَعْنَى الْخِلَافِ فِيمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِانْفِرَادِ الْوَاحِدَةِ بِهِ، فَأَمَّا مَا جَرَى الْعُرْفُ فِيهِ بِانْفِرَادِ الْوَاحِدَةِ بِهِ، كَلُبْسِ ثَوْبَيْهِمَا، وَتَقْلِيدِ سَيْفَيْهِمَا وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ، فَأَمَّا إِنْ قَالَ: إِنْ أَكَلْتُمَا هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ، فَأَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَغِيفًا، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَأْكُلَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا الرَّغِيفَيْنِ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ: لَا أَكَلْتُ هَذَا الْخُبْزَ وَهَذَا اللَّحْمَ، فَكَقَوْلِهِ: لَا أَكْلَتُهُمَا، هَلْ يَحْنَثُ بِأَحَدِهِمَا؛ فِيهِ وَجْهَانِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَلَا هَذَا اللَّحْمَ، وَقِيلَ: يَحْنَثُ كَمَا لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ شَيْئًا مِنْهُمَا.

(وَإِنْ قَالَ: إِنْ أَمَرْتُكِ فَخَالَفْتِنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَنَهَاهَا، فَخَالَفَتْهُ - لَمْ يَحْنَثْ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ لَا أَمْرَهُ؛ وَلِأَنَّهُ يَحْنَثُ إِذَا نَوَى مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ النَّهْيِ مُخَالَفَةٌ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُطَلَّقَ) قَدَّمَهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>