وَإِنْ كَلَّمَتْهُ سَكْرَانَ أَوْ أَصَمَّ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهَا تُكَلِّمُهُ، أَوْ مَجْنُونًا يَسْمَعُ كَلَامَهَا - حَنِثَ، وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ.
وَإِنْ كَلَّمَتْهُ مَيِّتًا، أَوْ غَائِبًا، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ نَائِمًا، لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى الْكَلَامِ، وَقَدْ وُجِدَ، فَإِنْ كَانَ السَّكْرَانُ أَوِ الْمَجْنُونُ مَصْرُوعًا - لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا إِذَا كَانَا لَا يَعْلَمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنَّهَا تُكَلِّمُهُ، وَالْمَجْنُونُ إِذَا لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَهَا، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " في الآخرين (وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ) اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ السَّكْرَانَ وَالْمَجْنُونَ لَا عَقْلَ لَهُمَا، وَالْأَصَمَّ لَا سَمْعَ لَهُ، فَلَمْ يَحْنَثْ بِكَلَامِهَا، وَقِيلَ: لَا السَّكْرَانَ.
فَرْعٌ: إِذَا جُنَّتْ هِيَ وَكَلَّمَتْهُ، لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْهَا، وَإِنْ كَلَّمَتْهُ سَكْرَانَةً، فَقَالَ فِي " الشَّرْحِ ": يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الصَّاحِي، وَإِنْ كَلَّمَتْ صَبِيًّا يَسْمَعُ وَيَعْلَمُ أَنَّهَا تَتَكَلَّمُ - حَنِثَ، وَكَذَا إِنْ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ، فَإِنْ كَانَ تَسْلِيمَ الصَّلَاةِ، فَلَا حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ لِلْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِتَسْلِيمِهِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، فَيَكُونُ كَمَا لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ لَا حِنْثَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يُعَدُّ تَكْلِيمًا، وَلَا يُرِيدُهُ الْحَالِفُ.
(وَإِنْ كَلَّمَتْهُ مَيِّتًا، أَوْ غَائِبًا، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ نَائِمًا، لَمْ يَحْنَثْ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ التَّكَلُّمَ فِعْلٌ يَتَعَدَّى الْمُتَكَلِّمَ، وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْكَلْمِ، وَهُوَ الْجُرْحُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِيهِ كَتَأْثِيرِ الْجُرْحِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِاسْتِمَاعِهِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) وَحَكَاهُ رِوَايَةً (يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّ إِشْعَارَهُ بِالْكَلَامِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِقَوْلِهِ: كَيْفَ تُكَلِّمُ أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ تَكْلِيمَهُ لَهُمْ كَانَتْ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَإِنَّهُ قَالَ: «مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» وَلَمْ يَثْبُتْ هَذَا لِغَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابَةِ لَهُ حُجَّةٌ لَنَا، فَإِنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ اسْتِبْعَادًا، وَسُؤَالًا عَمَّا خَفِيَ عَلَيْهِمْ سَبَبُهُ، حَتَّى كَشَفَ لَهُمْ حِكْمَةَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مُخْتَصٍّ بِهِ، فَبَقِيَ الْأَمْرُ فِيمَنْ سِوَاهُ عَلَى النَّفْيِ.
تَتِمَّةٌ: إِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إِنْسَانًا، فَكَلَّمَ غَيْرَهُ وَهُوَ يَسْمَعُ، يَقْصِدُ بِذَلِكَ إِسْمَاعَهُ كَمَا يُقَالُ: إِيَّاكِ أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَةُ - حَنِثَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا، كَنِيَّةِ غَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute