للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَدَأْتُكِ بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: إِنْ بَدَأْتُكَ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ - انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْنَثَ بِبَدَاءَتِهِ إِيَّاهَا بِالْكَلَامِ فِي وَقْتٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْهُ، فَلَمْ يَسْمَعْ لِتَشَاغُلِهِ وغَفْلَتِهِ، أَوْ كَاتَبَتْهُ، أَوْ رَاسَلَتْهُ - حَنِثَ، وَإِنْ أَشَارَتْ إِلَيْهِ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ السَّابِقَةِ.

١ -

(وَإِنْ قَالَ: إِنْ بَدَأْتُكِ بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: إِنْ بَدَأْتُكَ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ - انْحَلَّتْ يَمِينُهُ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ، فَلَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ) أَنَّهُ لَا يَبْدَؤُهَا فِي مَرَّةٍ أُخْرَى، وَبَقِيَتْ يَمِينُهَا مُعَلَّقَةٌ، فَإِنْ بَدَأَهَا بِكَلَامٍ انْحَلَّتْ يَمِينُهَا، وَإِنْ بَدَأَتْهُ هِيَ عَتَقَ عَبْدُهَا، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْنَثَ بِبَدَاءَتِهِ إِيَّاهَا بِالْكَلَامِ فِي وَقْتٍ آخَرَ) وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِمِثْلِ ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْهُ قَصْدُ هِجْرَانِ بِدَاءَتِهِ كَلَامَهَا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَعْمِيمَ الْبَدَاءَةِ فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ.

(وَإِنْ قَالَ: إِنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْهُ، فَلَمْ يَسْمَعْ لِتَشَاغُلِهِ وَغَفْلَتِهِ) أَوْ لَفْظِهِ، أَوْ ذُهُولِهِ حَنِثَ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْمَعْ لِشُغْلِ قَلْبِهِ وَغَفْلَتِهِ (أَوْ كَاتَبَتْهُ أَوْ رَاسَلَتْهُ، حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يُطْلَقُ، وَيُرَادُ بِهِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ صِحَّةِ اسْتِثْنَائِهِ مِنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} [الشورى: ٥١] ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِيَمِينِهِ هِجْرَانُهُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ مَعَ مُوَاصَلَتِهِ بِالْكِتَابَةِ وَالرَّسُولِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ أَنْ تُشَافِهَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يَحْنَثَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَرْكَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِكَلَامٍ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ الْحَلِفِ بِاللَّهِ.

فَرْعٌ: إِذَا أَرْسَلَتْ إِنْسَانًا لِيَسْأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ عَنْ حَدِيثٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ، فَجَاءَ الرَّسُولُ، فَسَأَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ - لَمْ يَحْنَثْ (وَإِنْ أَشَارَتْ إِلَيْهِ) بِرَمْزٍ (احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْفُرُوعِ " أَوَّلُهُمَا: لَا تُطَلَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدِ الْكَلَامُ، وَالثَّانِي: بَلَى؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ الْكَلَامِ.

(وَإِنْ كَلَّمَتْهُ سَكْرَانَ أَوْ أَصَمَّ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهَا تُكَلِّمُهُ، أَوْ مَجْنُونًا يَسْمَعُ كَلَامَهَا -

<<  <  ج: ص:  >  >>