وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ، وَعَنْهُ: يَكُونُ يَمِينًا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَطْلَقَ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: ١٠٦] ، {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ} [الأنعام: ١٠٩] ، {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٦] .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ:
أَقْسَمْتُ بِاللَّهِ لَتَنْزِلِنَّهْ ... طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرَهِنَّهْ
وَأَنْشَدَ أَعْرَابِيٌّ:
أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتفْعَلَنَّهُ
وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِاللَّهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْفِعْلَ كَانَ يَمِينًا، فَإِذَا ضَمَّ إِلَيْهِ مَا يُؤَكِّدُهُ، كَانَ أَوْلَى، وَحَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنِ الْأَكْثَرِ فِي: أُقْسِمُ، وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ، (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْقَسَمَ بِاللَّهِ، وَيَحْتَمِلُ الْقَسَمَ بِغَيْرِهِ، فَلَمْ يَكُنْ يَمِينًا كَغَيْرِهِ مِمَّا يَحْتَمِلُهُمَا، (إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ) لِأَنَّ النِّيَّةَ تَصْرِفُ اللَّفْظَ إِلَى الْقَسَمِ بِاللَّهِ، فَيَجِبُ جَعْلُهُ يَمِينًا، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ عُرْفُ الشَّرْعِ وَالِاسْتِعْمَالِ، (وَعَنْهُ: يَكُونُ يَمِينًا) «لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرَنِّي بِمَا أَصَبْتُ مِمَّا أَخْطَأْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا تُقْسِمْ يَا أَبَا بَكْرٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. «وَلِقَوْلِ الْعَبَّاسِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَقَسَمْتُ عَلَيْكَ لَتُبَايِعَنَّهُ، فَبَايَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ: أَبْرَرْتُ قَسَمَ عَمِّي» .
لَكِنْ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: عَزَمْتُ وَأَعْزِمُ، لَيْسَ يَمِينًا، وَلَوْ نَوَى، لِأَنَّهُ لَا شَرْعَ وَلَا لُغَةَ، وَلَا فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ نَوَى.
تَنْبِيهٌ: إِذَا قَالَ: آلَيْتُ، وَآلِي بِاللَّهِ، يَمِينٌ فِيهَا كَفَّارَةٌ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَإِنْ نَوَى الْخَبَرَ عَمَّا يَفْعَلُهُ ثَانِيًا، أَوْ عَمَّا فَعَلَهُ مَاضِيًا، فَلَيْسَ يَمِينًا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَكَذَا إِنْ قَالَ: عَلَيَّ يَمِينٌ، وَأَرَادَ عَقْدَ الْيَمِينِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا صِفَتِهِ، وَإِنْ قَالَ: قَسَمًا بِاللَّهِ، فَهُوَ يَمِينٌ، تَقْدِيرُهُ: أَقْسَمْتُ قَسَمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute