للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتِهِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ وَعَنْ أَيَّامِ مِنًى جَازَ، ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ سَعَى مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَعَى، لَمْ يَسْعَ، ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، ثُمَّ يَأْتِي زَمْزَمَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَيَفْعَلُهُ عَقِبَ الْإِحْرَامِ، وَمَنَعَ فِي " الْمُغْنِي " مَسْنُونِيَّةَ هَذَا الطَّوَافِ، وَقَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَى هَذَا الطَّوَافِ، بَلِ الْمَشْرُوعُ طَوَافٌ وَاحِدٌ لِلزِّيَارَةِ لِمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَأُقِيمَتِ الْمَكْتُوبَةُ، فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِهَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، فَإِنَّهَا قَالَتْ: طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا، وَهَذَا هُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَذْكُورُ طَوَافَ الْقُدُومِ لَأَخَلَّتْ بِذِكْرِ الْفَرْضِ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْحَجِّ، وَحُكْمُ الْمَكِّيِّ إِذَا أَحْرَمَ مِنْهَا وَالْمُنْفَرِدِ وَالْقَارِنِ إِذَا لَمْ يَأْتِيَا مَكَّةَ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ كَالْمُتَمَتِّعِ.

(وَأَوَّلُ وَقْتِهِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ) ؛ لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَمَتْ، ثُمَّ طَافَتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَوَافَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخَانِ، وَعَنْهُ: أَوَّلُ وَقْتِهِ طُلُوعُ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَوَّلِ وَقْتِ الرَّمْيِ (وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهُ يَوْمَ النَّحْرِ) بَعْدَ الرَّمْيِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ، لِقَوْلِ جَابِرٍ: «ثُمَّ أَفَاضَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ» ، وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ (فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ: طَوَافَ الزِّيَارَةِ (عَنْهُ) أَيْ: يَوْمَ النَّحْرِ (وَعَنْ أَيَّامِ مِنًى جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: أُمِرَ بِالطَّوَافِ مُطْلَقًا، فَمَتَى أَتَى بِهِ، صَحَّ بِغَيْرِ خِلَافٍ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ ". وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَاخْتَارَ فِي " الْوَاضِحِ " وُجُوبَهُ بِلَا عُذْرٍ، وَلَا عَنْ أَيَّامِ مِنًى كَالسَّعْيِ، وَخرج الْقَاضِي وَغَيْرُهُ رِوَايَةً مِنَ الْحَلْقِ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي سَعْيٍ.

(ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا) ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ أَوَّلًا لِعُمْرَتِهِ فَيَشْرَعُ أَنْ يَسْعَى لِلْحَجِّ (أَوْ لَمْ يَكُنْ سَعَى مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ) وَهُوَ الْمُفْرِدُ وَالْقَارِنُ، فَيَسْعَى؛ لِأَنَّهُ إِمَّا رُكْنٌ أَوْ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ طَوَافٍ، لِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمُتَابَعَتِهِ (وَإِنْ كَانَ قَدْ سَعَى) مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ (لَمْ يَسْعَ) لِقَوْلِ جَابِرٍ: لَمْ يَطُفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>