للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّاهِرَةُ كَالْمِلْحِ وَالْقَارِ وَالنِّفْطِ وَالْكُحْلِ وَالْجِصِّ بِالْإِحْيَاءِ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ، وَإِذَا كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ مَوْضِعٌ إِذَا حَصَلَ فِيهِ الْمَاءُ صَارَ مِلْحًا مُلِكَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بَعْدَ وَضْعِهَا؛ لِأَنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِيمَنْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا: تَوْبَتُهُ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ.

(وَلَا تُمْلَكُ الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ كَالْمِلْحِ وَالْقَارِ) وَهُوَ شَيْءٌ أَسْوَدُ، تُطْلَى بِهِ السُّفُنُ (وَالنِّفْطُ) بِفَتْحٍ، وَكَسْرِهَا، وَهُوَ أَفْصَحُ (وَالْكُحْلُ وَالْجِصُّ بِالْإِحْيَاءِ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ أَنَّهُ «وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ، فَقَطَعَ لَهُ، فَلَمَّا وَلِيَ قَالَ رَجُلٌ: أَتَدْرِي مَا قَطَعْتَ لَهُ؟ إِنَّمَا قَطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ، قَالَ: فَانْتَزَعَهُ مِنْهُ، قَالَ: وَسَأَلَهُ عَمَّا يُحْمَى مِنَ الْأَرَاكِ؟ قَالَ: مَا لَمْ تَنَلْهُ أَخْفَافُ الْإِبِلِ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَتَعَلَّقُ بِهِ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةُ فَلَمْ يَجُزْ إِحْيَاؤُهُ كَطُرُقَاتِ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا مِنْ مَوَارِدِ اللَّهِ الْكَرِيمِ، وَفَيْضِ جُودِهِ الْعَمِيمِ، فَلَوْ مُلِّكَ بِالِاحْتِجَارِ مِلْكٌ مَنَعَهُ، فَضَاقَ عَلَى النَّاسِ (وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ لِمَا ذَكَرْنَا، فَأَمَّا الْمَعَادِنُ الْبَاطِنَةُ وَهِيَ الَّتِي لَا يُوصَلُ إِلَيْهَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَالْمُؤْنَةِ، فَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فَهِيَ كَالْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا كَذَلِكَ، وَقِيلَ: يَمْلِكُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَوَاتٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إِلَّا بِالْعَمَلِ وَالْمُؤْنَةِ، فَمَلَكَ بِالْإِحْيَاءِ كَالْأَرْضِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهَا، وَصَحَّحَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ» .

فَرْعٌ: مَا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ فِي الْجَزَائِرِ، فَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ فِيهَا يَرُدُّ الْمَاءَ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَيَضُرُّ بِأَهْلِهِ.

(وَإِذَا كَانَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ مَوْضِعٌ إِذَا حَصَلَ فِيهِ الْمَاءُ صَارَ مِلْحًا مُلِكَ بِالْإِحْيَاءِ) فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى أَحَدٍ، فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ كَبَقِيَّةِ الْمَوَاتِ، وَإِحْيَاؤُهُ بِعَمَلٍ مِمَّا يَصْلُحُ لَهُ مِنْ حَفْرِ تُرَابِهِ، وَتَمْهِيدِهِ، وَفَتْحِ قَنَاةٍ إِلَيْهِ (وَلِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ) كَبَقِيَّةِ الْمَوَاتِ (وَإِذَا مَلَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>