بِالْإِحْيَاءِ، وَلِلْإِمَامِ إِقْطَاعُهُ، وَإِذَا مَلَكَ الْمُحْيَا مَلَكَهُ بِمَا فِيهِ مِنَ الْمَعَادِنِ الْبَاطِنَةِ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ عَيْنُ مَاءٍ، أَوْ مَعْدِنٌ جَارٍ، أَوْ كَلَأٌ، أَوْ شَجَرٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَهَلْ يَمْلِكُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَمَا فَضَلَ مِنْ مَائِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْمُحْيَا) أَيْ: إِذَا مَلَكَ الْأَرْضَ بِالْإِحْيَاءِ (مَلَكَهُ بِمَا فِيهِ مِنَ الْمَعَادِنِ الْبَاطِنَةِ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) وَالْحَدِيدِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْأَرْضَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَطَبَقَاتِهَا، وَهَذَا مِنْهَا بِخِلَافِ الْكَنْزِ فَإِنْهُ مُودَعٌ فِيهَا، وَيُفَارِقُ مَا إِذَا كَانَ ظَاهِرًا قَبْلَ إِحْيَائِهَا؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ عَنِ النَّاسِ نَفْعًا كَانَ وَاصِلًا إِلَيْهِمْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَعَادِنَ الظَّاهِرَةَ، وَلَوْ تَحَجَّرَ الْأَرْضَ أَوْ أَقْطَعَهَا فَظَهَرَ فِيهَا الْمَعْدِنُ قَبْلَ إِحْيَائِهَا كَانَ لَهُ إِحْيَاؤُهَا، وَيَمْلِكُهَا بِمَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِتَحَجُّرِهِ وَإِقْطَاعِهِ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ إِتْمَامِ حَقِّهِ.
(وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ عَيْنُ مَاءٍ، أَوْ مَعْدِنٌ جَارٍ، أَوْ كَلَأٌ، أَوْ شَجَرٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ سَبَقَ إِلَى مَنْ لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» ؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي لَفْظِ: «فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَلِأَنَّهُ لَوْ سَبَقَ إِلَى الْمُبَاحِ الَّذِي لَا يَمْلِكُ أَرْضَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، فَهُنَا أَوْلَى (وَهَلْ يَمْلِكُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَصَحُّهُمَا لَا يَمْلِكُهُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، فَلَمْ يَمْلِكْهَا بِمِلْكِ الْأَرْضِ كَالْكَنْزِ، وَالثَّانِيَةُ: بَلَى؛ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ أَرْضِهِ، أَشْبَهَ الْمَعَادِنَ الْجَامِدَةَ وَالزَّرْعَ (وَمَا فَضَلَ مِنْ مَائِهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِبَهَائِمِ غَيْرِهِ) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلَأَ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ أَوْ فَضْلَ كَلَئِهِ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمَحَلُّهُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً مُبَاحًا، وَلَمْ يَنْضُرْ بِهَا، وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute