لَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ
وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، مُسْلِمًا كَانَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعَرَّفَهَا الْأَزْهَرِيُّ بِأَنَّهَا الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَالِكٌ، وَلَا بِهَا مَاءٌ، وَلَا عِمَارَةٌ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا، وَالْمَوَاتُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمَوْتِ، وَهُوَ عَدَمُ الْحَيَاةِ، وَالْمُوتَانِ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، الْمَوْتُ الذَّرِيعُ، وَرَجُلٌ مَوْتَانُ الْقَلْبِ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، يَعْنِي أَعْمَى الْقَلْبِ لَا يَفْهَمُ.
وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ حَدِيثُ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَعَنْ عَائِشَةَ مِثْلُهُ. رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُدَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ مُتَلَقًّى بِالْقَبُولِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي " الْأَمْوَالِ " عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» ؛ قَالَ عُرْوَةُ: قَضَى بِهِ عُمَرُ فِي خِلَافَتِهِ، وَفِي الزَّرْكَشِيِّ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «الْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ، وَالْبِلَادُ بِلَادُ اللَّهِ، فَمَنْ أَحْيَى مِنْ مَوَاتِ الْأَرْضِ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ.
(وَهِيَ الْأَرْضُ الدَّاثِرَةُ) أَيْ: الدَّارِسَةُ (الَّتِي لَا يُعْلَمُ أَنَّهَا مُلِكَتْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى الْمَوَاتِ شَرْعًا، وَكَذَا إِنْ مَلَكَهَا مَنْ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَبَادٍ، كَحَرْبِيٍّ، وَآثَارِ الرُّومِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَوَاتَ إِذَا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكُ أَحَدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ، فَإِنْهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ جَرَى عَلَيْهِ مِلْكٌ بِشِرَاءٍ أَوْ عَطِيَّةٍ فَلَا، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ (فَإِنْ كَانَ فِيهَا آثَارُ الْمِلْكِ) وَبَادٍ أَهْلُهُ (وَلَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) كَذَا أَطْلَقَهُمَا فِي " الْكَافِي " إِحْدَاهُمَا: يَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَيَمْلِكُ بِهِ، كَاللُّقَطَةِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا تُمْلَكُ بِهِ كَمَا لَوْ تَعَيَّنَ مَالِكُهُ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهَا يَوْمَئِذٍ مَالِكٌ، وَكَانَ مَلَكَهَا مُتَقَدِّمًا مُسْلِمٌ، أَوْ ذِمِّيٌّ، أَوْ مَشْكُوكٌ فِي عِصْمَتِهِ، وَلَمْ يَعْقُبُوا وَرَثَةً، فَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute