للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهَادَةٍ عَلَى الْقَوْلِ إِلَّا النِّكَاحَ، إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا أَمْسِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ، لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ، وَكَذَلِكَ الْقَذْفُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَثْبُتُ الْقَذْفُ.

وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفَيْنِ، ثَبَتَ أَلْفٌ وَيَحْلِفُ عَلَى الْآخَرِ مَعَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَأَمَا ثَانِيًا: لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ حُصُولَ الشَّاهِدَيْنِ لَهُ، فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ لَمْ يَتَحَقَّقْ حُصُولُ الشَّرْطِ، فَلَمْ يَثْبُتِ الْمَشْرُوطُ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا.

وَفِي الشَّرْحِ: لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِكُلِّ عَقْدٍ إِلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يَثْبُتْ، (وَكَذَلِكَ الْقَذْفُ) أَلْحَقَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْقَذْفَ بِالْأَفْعَالِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَكْمُلْ عَلَى قَذْفِهِ، وَلِأَنَّ اخْتِلَافَ الشُّهُودِ شُبْهَةٌ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِهَا (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَثْبُتُ الْقَذْفُ) لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ وَاحِدٌ، أَشْبَهَ الْبَيْعَ وَسَائِرَ الْأَمْوَالِ.

تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ فِي الشَّرْحِ: أَنَّهُ إِذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي يَوْمَ الْخَمِيسِ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ قَتَلَهُ أَوْ قَذَفَهُ أَوْ غَصَبَهُ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي بِهَذَا يَوْمَ السَّبْتِ، كَمُلَتِ الْبَيِّنَةُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ.

وَقَالَ زُفَرُ: لَا تَكْمُلُ؛ لِأَنَّ كُلَّ إِقْرَارٍ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ إِلَّا وَاحِدٌ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْفِعْلِ.

وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ وَاحِدٌ، وَقَدْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَكَمُلَتْ، كَمَا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِهِ وَاحِدًا، وَفَارَقَ الشَّهَادَةَ عَلَى الْفِعْلِ، فَإِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى فِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَنَظِيرُهُ فِي الْإِقْرَارِ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي قَتْلَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَالْآخَرُ: أَنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، لَمْ تَكْمُلِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الَّذِي شَهِدَ بِهِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ، كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ دَنَانِيرَ، وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهَا تَكْمُلُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الْمُقْتَضَى، فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

قُلْتُ: وَعَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ، لِمُدَّعِي الْقَتْلِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ.

وَمَتَى جَمَعْنَا مَعَ اخْتِلَافِ الْوَقْتِ فِي قَتْلٍ أَوْ طَلَاقٍ فَالْعِدَّةُ وَالْإِرْثُ يَلِي آخِرَ الْمُدَّتَيْنِ (وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفَيْنِ، ثَبَتَ أَلْفٌ) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِيهَا كَمُلَتْ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَزِدْ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَسَوَاءٌ عَزَوَا ـ أَوْ أَحَدُهُمَا ـ الشَّهَادَةَ إِلَى الْإِقْرَارِ، أَوْ جِهَةِ وَاحِدة غَيْرِهِ، أَوْ لَمْ يَعْرِفَا، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِكُلِّ إِقْرَارٍ إِلَّا وَاحِدٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>