للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُزِّرَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ قُتِلَ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ بَعْدَهَا، وَإِذَا عَقَلَ الصَّبِيُّ الْإِسْلَامَ صَحَّ إِسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ إِسْلَامُهُ دُونَ رِدَّتِهِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْقَاتِلِ، لِأَنَّهُ مَحَلٌّ غَيْرُ مَعْصُومٍ (سَوَاءٌ قُتِلَ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا) لِأَنَّهُ مُهْدَرُ الدَّمِ فِي الْجُمْلَةِ، وَرِدَّتُهُ مُبِيحَةٌ لِدَمِهِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ كَمَا هِيَ مَوْجُودَةٌ بَعْدَهَا، فَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ قَتَلَهُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ وَأَخَذَ مَا مَعَهُ مِنْ مَالٍ، وَمَا تَرَكَهُ بِدَارِنَا مَعْصُومٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَصِيرُ فَيْئًا فِي الْحَالِ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ.

فَرْعٌ: رَسُولُ الْكُفَّارِ لَا يُقْتَلُ، وَلَوْ كَانَ مُرْتَدًّا، حَكَاهُ فِي " الْفُرُوعِ " عَنِ " الْهَدْيِ "، بِدَلِيلِ رَسُولِ مُسَيْلِمَةَ، وَفِي " الْفُنُونِ " فِي مَوْلُودٍ بِرَأْسَيْنِ فَبَلَغَ، نَطَقَ أَحَدُهُمَا بِالْكُفْرِ، وَالْآخَرُ بِالْإِسْلَامِ، إِنْ نَطَقَا مَعًا، فَفِي أَيِّهِمَا يَغْلِبُ احْتِمَالَانِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ إِنْ تَقَدَّمَ الْإِسْلَامُ فَمُرْتَدٌّ (وَإِذَا عَقَلَ الصَّبِيُّ الْإِسْلَامَ صَحَّ إِسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، لِإِسْلَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ صَبِيٌّ، وَعُدَّ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِهِ، وَسَبْقِهِ، وَقَالَ:

سَبَقْتُكُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا ... صَبِيًّا مَا بَلَغْتُ أَوَانَ حِلْمِي

وَيُقَالُ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الصِّبْيَانِ، وَمِنَ الرِّجَالِ: أَبُو بَكْرٍ، وَمِنَ النِّسَاءِ: خَدِيجَةُ، وَمِنَ الْعَبِيدِ: بِلَالٌ، وَقَالَ عُرْوَةُ: أَسْلَمَ عَلِيٌّ، وَالزُّبَيْرُ، وَهُمَا ابْنَا ثَمَانِ سِنِينَ، وَلَمْ يُرَدَّ عَلَى أَحَدٍ إِسْلَامُهُ مِنْ صَغِيرٍ، أَوْ كَبِيرٍ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» ، وَلِأَنَّ مَنْ صَحَّ إِسْلَامُهُ صَحَّتْ رِدَّتُهُ كَالْبَالِغِ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» وَ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» . الْخَبَرَيْنِ. وَالصَّبِيُّ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا صَحَّ إِسْلَامُهُ كُتِبَ لَهُ لَا عَلَيْهِ، وَتَحْصُلُ لَهُ سَعَادَةُ الدَّارَيْنِ، لَا يُقَالُ: الْإِسْلَامُ يُوجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ فِي مَالِهِ، وَنَفَقَةَ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ، وَحُرْمَةَ مِيرَاثِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ، وَفَسْخَ نِكَاحِهِ، لِأَنَّ الزَّكَاةَ نَفْعٌ مَحْضٌ، لِأَنَّهَا سَبَبُ النَّمَاءِ، وَالزِّيَادَةِ، مَحْصَنَةٌ لِلْمَالِ، وَالْمِيرَاثِ، وَالنَّفَقَةَ أَمْرٌ مُتَوَهَّمٌ، وَذَلِكَ مَجْبُورٌ بِحُصُولِ الْمِيرَاثِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَسُقُوطِ نَفَقَةِ أَقَارِبِهِ الْكُفَّارِ، ثُمَّ هُوَ ضَرَرٌ مَغْمُورٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ سَعَادَةِ الْآخِرَةِ، وَالْخَلَاصِ مِنَ الشَّقَاءِ، وَالْخُلُودِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>