وَضُيِّقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ، وَعَنْهُ: لَا تَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ، بَلْ تُسْتَحَبُّ، وَيَجُوزُ قَتْلُهُ فِي الْحَالِ. وَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ، وَلَا يَقْتُلُهُ إِلَّا الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَسَاءَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَمَا بَرِئَ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَ اسْتِصْلَاحُهُ، فَلَمْ يَجُزْ إِتْلَافُهُ قَبْلَ اسْتِصْلَاحِهِ، كَالثَّوْبِ النَّجِسِ، وَلِأَنَّهَا مُدَّةٌ يَتَكَرَّرُ فِيهَا الرَّأْيُ، وَيَتَقَلَّبُ النَّظَرُ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ، بَلْ يَجِبُ قَتْلُهُ فِي الْحَالِ إِلَّا أَنْ يَطْلُبَ الْأَجَلَ فَيُؤَجَّلُ ثَلَاثًا (وَضُيِّقَ عَلَيْهِ) بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ، لِيَرْجِعَ إِلَى الْحَقِّ (فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ فِدَاءٍ عَنْهُ، لِأَنَّ كُفْرَهُ أَغْلَظُ (وَعَنْهُ: لَا تَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ) رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَطَاوُسٍ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ، وَلِقَوْلِ مُعَاذٍ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، وَلِأَنَّهُ يُقْتَلُ لِكُفْرِهِ، فَلَمْ تَجِبِ اسْتِتَابَتُهُ كَالْأَصْلِيِّ (بَلْ تُسْتَحَبُّ) لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا وأقلها الاستحباب (وَيَجُوزُ قَتْلُهُ فِي الْحَالِ) كَالْأَصْلِيِّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّ الْخَبَرَ مَحْمُولٌ عَلَى الْقَتْلِ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ، وَالْخَبَرُ الْآخَرُ رُوِيَ فِيهِ: أَنَّ الْمُرْتَدَّ اسْتُتِيبَ قَبْلَ قُدُومِ مُعَاذٍ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يُدْعَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ أَبَى ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: يُسْتَتَابُ أَبَدًا، وَهَذَا يُفْضِي إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ أَبَدًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ (وَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ) لِقَوْلِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قَرَّبْنَاهُ، فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، وَلِأَنَّهُ إِذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِزُهُوقِ النَّفْسِ، وَلَا يَجُوزُ حَرْقُهُ بِالنَّارِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَمَرَ بَتَحْرِيقِهِمْ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ» ، يَعْنِي: النَّارَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَلَا يَقْتُلُهُ إِلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَنَصَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، لِأَنَّهُ قُتِلَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَ إِلَى الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ، كَقَتْلِ الْحُرِّ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» لَا يَتَنَاوَلُ الْقَتْلَ فِي الرِّدَّةِ، لِأَنَّهُ قُتِلَ لِكُفْرِهِ، وَلَا حَدَّ فِي حَقِّهِ، وَخَبَرُ حَفْصَةَ لَمَّا بَلَغَ عُثْمَانَ تَغَيَّظَ عَلَيْهَا، وَشَقَّ عَلَيْهِ، وَالْجَلْدُ فِي الزِّنَا تَأْدِيبٌ عِنْدَهُ، بِخِلَافِ الْقَتْلِ (فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَسَاءَ وَعُزِّرَ) لِافْتِئَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ (وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute