للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ مِنَ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ، وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ دُعِيَ إِلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْحَجَّ لَا يَكْفُرُ بِتَأْخِيرِهِ بِحَالٍ) لِأَنَّ فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ خِلَافًا، وَعَنْهُ لَا كُفْرَ، وَلَا قَتْلَ فِي الصَّوْمِ، وَالْحَجِّ خَاصَّةً.

فَرْعٌ: مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، وَأَسَرَّ الْكُفْرَ فَمُنَافِقٌ كَافِرٌ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَإِنْ أَظْهَرَ أَنَّهُ قَائِمٌ بِالْوَاجِبِ، وَفِي قَلْبِهِ أَلَّا يَفْعَلَ فَنِفَاقٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي ثَعْلَبَةَ: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [التوبة: ٧٥] وَهَلْ يَكْفُرُ عَلَى وَجْهَيْنِ.

(فَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ، الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ فِعْلٌ يُوجِبُ الْحَدَّ، فَاسْتَوَى فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، كَالزِّنَا، وَمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَرَقَّ نِسَاءَ بَنِي حَنِيفَةَ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُمْ إِسْلَامٌ، وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ قَتْلِ الْمَرْأَةِ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَصْلِيَّةُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الشُّيُوخُ وَلَا الْمَكَافِيفُ، (وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ) مُخْتَارٌ، لِأَنَّ الطِّفْلَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَالْمَجْنُونَ، وَمَنْ زَالَ عقله بِنَوْمٍ، أَوْ إِغْمَاءٍ، أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ مُبَاحٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ، وَلَا حُكْمَ لِكَلَامِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ (دُعِيَ إِلَيْهِ) أَيْ: لَا يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَالْمُؤَلِّفُ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِاسْتِتَابَتِهِ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَلِقَوْلِ عُمَرَ. رَوَاهُ مَالِكٌ، وَغَيْرُهُ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ وُجُوبُ الضَّمَانِ، بِدَلِيلِ نِسَاءِ الْحَرْبِ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، لِمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ عَلَى عُمَرَ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَقَالَ: مَا فَعَلْتُمْ بِهِ؟ قَالَ: قَرَّبْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: فَهَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ، لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي. رَوَاهُ مَالِكٌ. وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>