للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ أَوْ رَدَّهُ بَطَلَ فِي حَقِّهِ دُونَ مَنْ بَعْدَهُ، وَكَانَ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ ثُمَّ عَلَى مَنْ يَجُوزُ يُصْرَفُ فِي الْحَالِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ إِنْ كَانَ مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ يُعْرَفُ انْقِرَاضُهُ كَرَجُلٍ مُعَيَّنٍ يُصْرَفُ إِلَى مَصْرِفِ الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ إِلَى أَنْ يَنْقَرِضَ ثُمَّ يُصْرَفُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةٍ تَنْقَطِعُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَآلًا أَوْ عَلَى مَنْ يَجُوزُ ثُمَّ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ أَوْ قَالَ:

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَأَخْذُ رَيْعِهِ قَبُولٌ، وَالثَّانِي - وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " - إِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ يَمْنَعُ الْبَيْعَ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْقَبُولُ كَالْعِتْقِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَخْتَصُّ الْمُعَيَّنَ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ مَنْ يَأْتِي مِنَ الْبُطُونِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى جَمِيعِهِمْ، إِلَّا أَنَّهُ مُرَتَّبٌ، فَصَارَ كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ.

قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَهَذَا الْفَرْقُ مَوْجُودٌ بِعَيْنِهِ فِي الْهِبَةِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَنْبَنِي ذَلِكَ عَلَى الْمِلْكِ هَلْ يَنْتَقِلُ إِلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فَعَلَى هَذَا لَا يَبْطُلُ بِالرَّدِّ كَالْعِتْقِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ أَوْ رَدَّهُ بَطَلَ فِي حَقِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهُ أَشْبَهَ الْهِبَةَ، لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا رَدَّ ثُمَّ قَبِلَ هَلْ يَعُودُ أَمْ لَا؛ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (دُونَ مَنْ بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ وُجِدَ فِي الْأَوَّلِ فَاخْتَصَّ بِهِ، وَصَارَ كَالْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ، يَخْرُجُ فِي صِحَّتِهِ فِي حَقِّ مَنْ سِوَاهُ وَبُطْلَانِهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ لِتَعَذُّرِ اسْتِحْقَاقِهِ لِفَوْتِ وَصْفٍ فِيهِ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَكَانَ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ) كَالْمَجْهُولِ (ثُمَّ عَلَى مَنْ يَجُوزُ) كَالْمَسَاكِينِ (يُصْرَفُ فِي الْحَالِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ قَصَدَ صَيْرُورَةَ الْوَقْفِ إِلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا حَالَةَ يُمْكِنُ انْتِظَارُهَا، فَوَجَبَ الصَّرْفُ إِلَيْهِ؛ لِئَلَّا يَفُوتَ غَرَضُ الْوَاقِفِ، وَلِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الصِّحَّةِ (وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ) ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَهُوَ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ (إِنْ كَانَ مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ يُعْرَفُ انْقِرَاضُهُ كَرَجُلٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ كَعَبْدِهِ، وَأُمِّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ الْوَقْفِ (يُصْرَفُ إِلَى مَصْرِفِ الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ إِلَى أَنْ يَنْقَرِضَ) ؛ لِأَنَّهَا إِحْدَى حَالَتَيْ الِانْقِطَاعِ أَشْبَهَ الْأُخْرَى (ثُمَّ يُصْرَفُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ) ، أَيْ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ (وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جِهَةٍ تَنْقَطِعُ) كَأَوْلَادِهِ؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ يُمْكِنُ انْقِرَاضُهُمْ (وَلَمْ يَذْكُرْ مَآلًا) الْمَآلُ - بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ - الْمَرْجِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>