وَقَفْتُ، وَسَكَتَ - انْصَرَفَ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ إِلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ وَقْفًا عَلَيْهِمْ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى إِلَى أَقْرَبِ عَصَبَتِهِ، وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهِ فُقَرَاؤُهُمْ؟
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(أَوْ عَلَى مَنْ يَجُوزُ) الْوَقْفُ كَأَوْلَادِهِ (ثُمَّ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ) كَالْكَنَائِسِ (أَوْ قَالَ: وَقَفْتُ، وَسَكَتَ، انْصَرَفَ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ) قَدْ تَضَمَّنَ هَذَا صِحَّةَ الْوَقْفِ، قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ " فِي الْأَصَحِّ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ مُقْتَضَاهُ التَّأْبِيدُ، فَإِذَا كَانَ مُنْقَطِعًا صَارَ وَقْفًا عَلَى مَجْهُولٍ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَعْلُومُ الْمَصْرِفِ، فَصَحَّ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِمَصْرِفِهِ، إِذِ الْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ كَنَقْدِ الْبَلَدِ، وَحِينَئِذٍ يُصْرَفُ (إِلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ) نَسَبًا، قَالَهُ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الْفُرُوعِ " - بِقَدْرِ إِرْثِهِمْ (وَقَفَا عَلَيْهِمْ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) ، وَفِي " الْكَافِي " هِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَقَدَّمَهَا فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ مَصْرِفُهُ الْبِرُّ، وَأَقَارِبُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِبِرِّهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» ، وَلِأَنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِصَدَقَاتِهِ النَّوَافِلِ وَالْمَفْرُوضَاتِ، فَكَذَا صَدَقَتُهُ الْمَنْقُولَةُ (وَالْأُخْرَى) يُصْرَفُ (إِلَى أَقْرَبِ عَصَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ أَقَارِبِهِ بِبِرِّهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ، وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ عَكْسُهُ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَكُونُ وَقْفًا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ زَالَ عَنْهُ بِالْوَقْفِ، فَلَا يَعُودُ مِلْكًا لَهُمْ، وَعَنْهُ: مِلْكًا، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ فِي الْوَرَثَةِ (وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهِ فُقَرَاؤُهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ، وَالْخِرَقِيِّ، وَالْمَجْدِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِمْ بَلْ يَشْمَلُ الْفَقِيرَ وَالْغَنِيَّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ شَمِلَهُمَا، فَكَذَا هُنَا، وَالثَّانِي - وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ - أَنَّهُ يَخْتَصُّ الْفُقَرَاءَ مِنْهُمْ؛ إِذِ الْقَصْدُ بِالْوَقْفِ الْبِرُّ وَالصِّلَةُ، وَالْفُقَرَاءُ أَوْلَى بِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ غَيْرِهِمْ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ) وَهُوَ " الْجَامِعُ الصَّغِيرُ "، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَإِلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute