عَلَى وَجْهَيْنِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: يَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا قَالَ:
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَيْلُ الْمُؤَلِّفِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ (يَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْمَسَاكِينِ) ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ " وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّهُمْ أَعَمُّ جِهَاتِ الْخَيْرِ، وَمَصْرِفُ الصَّدَقَاتِ وَحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ كَانَ لِلْوَاقِفِ أَقَارِبُ مَسَاكِينُ كَانُوا أَوْلَى بِهِ اسْتِحْبَابًا، كَصَلَاتِهِ، وَحَيْثُ قُلْنَا: يُصْرَفُ إِلَى الْأَقَارِبِ فَانْقَرَضُوا، أَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ قَرِيبٌ، فَإِنَّهُ يُصْرَفُ لِبَيْتِ الْمَالِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَطَعَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمَجْدُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ: يَرْجِعُ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ؛ إِذِ الْقَصْدُ بِالْوَقْفِ الصَّدَقَةُ الدَّائِمَةُ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَوْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ» .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ لِلْمَسَاكِينِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ عَنْهُ مِثْلَهُ، وَعَنْهُ: يَرْجِعُ إِلَى مِلْكِ وَاقِفِهِ الْحَيِّ، قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي " الْوَاضِحِ ": الْخِلَافُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى الْأَقَارِبِ، أَوْ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ إِلَى الْمَسَاكِينِ مُخْتَصٌّ بِمَا إِذَا مَاتَ الْوَاقِفُ، أَمَّا إِنْ كَانَ حَيًّا فَانْقَطَعَتِ الْجِهَةُ، فَهَلْ يَعُودُ الْوَقْفُ إِلَى مِلْكِهِ أَوْ إِلَى عَصَبَتِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا، وَفِي " الشَّرْحِ " إِذَا قَالَ: وَقَفْتُ هَذَا وَسَكَتَ، أَوْ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ - أَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَصِحُّ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ، فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ، وَفِي " الْفُرُوعِ " وَكَذَا إِذَا قَالَ: وَقَفَهُ، وَلَمْ يَزِدْ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: إِنَّهُ يُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": فِيهَا وَفِي تَصَدَّقْتُ بِهِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي " الرَّوْضَةِ ": إِنْ قَالَ: وَقَفْتُهُ، صَحَّ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَنَا.
تَنْبِيهٌ: لِلْوَقْفِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: مُتَّصِلُ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، وَلَا إِشْكَالَ فِي صِحَّتِهِ، وَمُنْقَطِعُ الِانْتِهَاءِ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْأَصَحِّ، وَمُنْقَطِعُ الِابْتِدَاءِ مُتَّصِلُ الِانْتِهَاءِ، وَمُتَّصِلُ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ، وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُمَا، وَقِيلَ بِالْبُطْلَانِ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
مَسْأَلَةٌ: لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ عَلَى وَلَدِهِ صَحَّ لَهُمْ دُونَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute