للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَغْصِبُونَهُمُ الْمَالَ مُجَاهَرَةً، فَأَمَّا مَنْ يَأْخُذُهُ سَرِقَةً فَلَيْسَ بِمُحَارِبٍ، وَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْبُنْيَانِ لَمْ يَكُونُوا مُحَارِبِينَ فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حُكْمُهُمْ فِي

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَرَادَ الْمُحَارِبِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ حَدًّا لَا كُفْرًا، وَالْحَدُّ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُرْتَدِّينَ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ لِأَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا قَضِيَّةُ الْعُرَنِيِّينَ، وَحَكَاهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً، وَأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُمْ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ تُنَزَّلَ الْحُدُودُ، ثُمَّ قَالَ فَحُكْمُ مَنْ خَرَجَ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ مُرَتَّبٌ عَلَى مَا نَزَلَ مِنَ الْحُدُودِ وَلَوْلَا قِيَامُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ قَطْعِ الْيَدِ مَعَ الرِّجْلِ لِلْمُحَارِبِ لَقُلْنَا لَا تُقْطَعُ إِلَّا يَدُهُ الْيُمْنَى كَالسَّارِقِ قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فَعَلَى هَذَا يَجِيءُ أَنْ يَصِحَّ عَفْوُ وَلِيِّ الدَّمِ عَنِ الْمُحَارِبِ، وَيَكُونُ الْإِمَامُ مُخَيَّرًا فِيهِ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي " الرِّعَايَةِ " (وَهُمْ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ) وَهُمْ كُلُّ مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ لِيَخْرُجَ الْحَرْبِيُّ، وَلَوْ أُنْثَى، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ وَالْعَبْدُ، وَالذِّمِّيُّ كَضِدِّهِمَا، وَعَنْهُ: يَنْتَقِضُ عَهْدُهُ فَيَحِلُّ دَمُهُ وَمَالُهُ بِكُلِّ حَالٍ، (وَهُمُ الَّذِينَ يَعْرِضُونَ لِلنَّاسِ بِالسِّلَاحِ) هَذَا أَحَدُ الشُّرُوطِ فِيهِمْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ سِلَاحٌ فَلَيْسُوا مُحَارِبِينَ، لِأَنَّهُمْ لَا يَمْنَعُونَ مَنْ قَصَدَهُمْ، وَالْأَصَحُّ وَلَوْ كَانَ بِعَصًا وَحَجَرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ السِّلَاحِ الَّذِي يَأْتِي عَلَى النَّفْسِ، أَشْبَهَ الْمُحَدَّدَ، وَفِي " الْبُلْغَةِ "، وَغَيْرِهَا وَجْهٌ وَيَدٌ، وَفِي " الشَّرْحِ "، وَإِنْ قَتَلَ فِي الْمُحَارَبَةِ بِمُثْقَلٍ قُتِلَ كَمَا لَوْ قَتَلَ بِمُحَدَّدٍ وَإِنْ قَتَلَ بِآلَةٍ لَا يَجِبِ الْقِصَاصُ بِالْقَتْلِ بِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ أَيْضًا لِدُخُولِهِمْ فِي الْعُمُومِ.

فَرْعٌ: مَنْ قَاتَلَ اللُّصُوصَ وَقُتِلَ قُتِلَ الْقَاتِلُ مِنْهُمْ دُونَ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى (فِي الصَّحْرَاءِ) لِأَنَّ ذَلِكَ عَادَةُ الْمُحَارِبِينَ (فَيَغْصِبُونَهُمُ الْمَالَ) الْمُحْتَرَمَ (مُجَاهَرَةً) أَيْ: يَأْخُذُونَ الْمَالَ قَهْرًا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَنَصْرَهُ الْقَاضِيَ فِي " الْخِلَافِ " وَذَكَرَهُ الْمَذْهَبُ (فَأَمَّا مَنْ يَأْخُذُهُ سَرِقَةً فَلَيْسَ بِمُحَارِبٍ) لِأَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى مَنَعَةٍ، وَقُوَّةٍ، وَإِنِ اخْتَطَفُوهُ، وَهَرَبُوا فَهُمْ مُنْتَهِبُونَ لَا قَطْعَ عَلَيْهِمْ (وَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْبُنْيَانِ لَمْ يَكُونُوا مُحَارِبِينَ فِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ) قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الرِّعَايَةِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِأَنَّ الْوَاجِبَ يُسَمَّى حَدَّ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَقَطْعُ الطَّرِيقِ إِنَّمَا هُوَ فِي الصَّحْرَاءِ لِأَنَّ الْمِصْرَ يَلْحَقُ فِيهِ الْغَوْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>