للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِصْرِ، وَالصَّحْرَاءِ وَاحِدٌ، وَإِذَا قُدِرَ عَلَيْهِمْ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ قَدْ قَتَلَ مَنْ يُكَافِئُهُ، وَأَخَذَ الْمَالَ، قُتِلَ حَتْمًا، وَصُلِبَ حَتَّى يَشْتَهِرَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصْلَبُ قَدْرَ مَا يَقَعُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

غَالِبًا فَتَذْهَبُ شَوْكَتُهُمْ، وَيَكُونُونَ مُخْتَلِسِينَ لَا قُطَّاعَ طَرِيقٍ، (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حُكْمُهُمْ فِي الْمِصْرِ وَالصَّحْرَاءِ وَاحِدٌ) وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْأَصْحَابِ لِعُمُومِ الْآيَةِ فِيهِمْ، وَلِأَنَّ ضَرَرَهُمْ فِي الْمِصْرِ أَعْظَمُ، فَكَانُوا بِالْحَدِّ أَوْلَى، وَفِي " الْفُرُوعِ " قِيلَ: فِي صَحْرَاءَ، وَقِيلَ: وَمِصْرٍ، إِنْ لَمْ يُغَثْ وَحَكَى فِي " الْكَافِي "، وَ " الشَّرْحِ " عَنِ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ إِذَا كَبَسُوا دَارًا فِي مِصْرٍ بِحَيْثُ يَلْحَقُهُمُ الْغَوْثُ عَادَةً لَمْ يَكُونُوا مُحَارِبِينَ وَإِنْ حَصَرُوا قَرْيَةً أَوْ بَلَدًا لَا يَلْحَقُهُمُ الْغَوْثُ عَادَةً فَهُمْ قُطَّاعُ طَرِيقٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي " الرِّعَايَةِ " فِيهِ خِلَافًا وَيُعْتَبَرُ ثُبُوتُهُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إِقْرَارًا مَرَّتَيْنِ كَسَرِقَةٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَفِي سُقُوطِهِ الْيُسْرَى كَسَرِقَةٍ وَجْهَانِ، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ (وَإِذَا قُدِرَ عَلَيْهِمْ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ قَدْ قَتَلَ مَنْ يُكَافِئُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ قُتِلَ حَتْمًا وَصُلِبَ حَتَّى يَشْتَهِرَ) لِمَا صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ بِـ " أَوْ " فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهُ قَدْ عُرِفَ مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّ مَا أُرِيدَ بِهِ التَّخْيِيرُ فَيُبْدَأُ بِالْأَخَفِّ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَمَا أُرِيدَ بِهِ التَّرْتِيبُ فَيُبْدَأُ بِالْأَغْلَظِ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ، وَلِأَنَّ الْعُقُوبَاتِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَجْرَامِ، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ حُكْمُ الزَّانِي، وَالْقَاذِفِ، وَالسَّارِقِ، وَلِأَنَّ الْقَتْلَ وَجَبَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يُخَيَّرِ الْإِمَامُ فِيهِ كَقَطْعِ السَّارِقِ، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ قُتِلُوا وَصُلِبُوا، وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ قُتِلُوا وَلَمْ يُصْلَبُوا، وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا قُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ، وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ، وَإِذَا خَافُوا السَّبِيلَ، وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا نُفُوا مِنَ الْأَرْضِ وَرُوِيَ نَحْوُهُ مَرْفُوعًا، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا قُتِلَ وَصُلِبَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَقَتْلُهُ مُتَحَتِّمٌ لَا يَدْخُلُهُ عَفْوٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَالصَّلْبِ بَعْدَ الْقَتْلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>