للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلْبِ، وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يُقْطَعُ مَعَ ذَلِكَ. وَإِنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُكَافِئُهُ، فَهَلْ يُقْتَلُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، فَهَلْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقِيلَ: يُصْلَبُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُقْتَلُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدَّمَ الْقَتْلَ عَلَى الصَّلْبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨] وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» وَلِأَنَّهُ شُرِعَ رَدْعًا لِغَيْرِهِ، لِيَشْتَهِرَ أَمْرُهُ، وَلَوْ شُرِعَ لِرَدْعِهِ فَقَطْ لَسَقَطَ بِقَتْلِهِ كَمَا تَسْقُطُ سَائِرُ الْحُدُودِ مَعَ الْقَتْلِ، وَالصَّلْبُ حَتْمٌ فِي حَقِّ مَنْ قَتَلَ، وَأَخَذَ الْمَالَ، فَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوٍ، وَلَا غَيْرِهِ، وَيَكُونُ حَتَّى يَشْتَهِرَ، ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ زَجْرُ غَيْرِهِ وَلَا يَحْصُلُ إِلَّا بِهِ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصْلَبُ قَدْرَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلْبِ) اقْتَصَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَلَى حِكَايَتِهِ عَنْ أَحْمَدَ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَصْدُقُ اسْمُ الصَّلْبِ، وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ يُصْلَبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَهَذَا تَوْقِيتٌ بِغَيْرِ تَوْقِيفٍ مَعَ أَنَّهُ فِي الظَّاهِرِ يُفْضِي إِلَى تَغَيُّرِهِ، وَنَتْنِهِ، (وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يُقْطَعُ مَعَ ذَلِكَ) اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُوجِبُ حَدًّا مُفْرَدًا فَإِذَا اجْتَمَعَا وَجَبَ حَدُّهُمَا كَمَا لَوْ زَنَى، وَسَرَقَ، فَعَلَى هَذَا يُقْطَعُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُقْتَلُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُدْفَعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَيُغَسَّلُ، وَيُكَفَّنُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْفَنُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ قَتْلِهِ لَمْ يُصْلَبْ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْقَتْلِ، فَسَقَطَ بِفَوَاتِهِ (وَإِنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُكَافِئُهُ) كَوَلَدِهِ، وَعَبْدٍ، وَذِمِّيٍّ، (فَهَلْ يُقْتَلُ؟ قَاطِعُ الطَّرِيقِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .

إِحْدَاهُمَا: يُقْتَلُ، وَيُصْلَبُ، قَدَّمَهَا فِي " الرِّعَايَةِ "، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " لِلْعُمُومِ وَلِأَنَّ الْقَتْلَ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُكَافَأَةُ كَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا، ذَكَرَ الْقَاضِي فِي " الْخِلَافِ " أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» فَعَلَى هَذَا إِذَا قَتَلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا أَوْ حُرٌّ عَبَدًا، وَأَخَذَ الْمَالَ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ لِأَخْذِ الْمَالِ، وَغَرِمَ دِيَةَ ذِمِّيٍّ، وَقِيمَةَ عَبْدٍ، وَإِنْ قَتَلَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا غَرِمَ دِيَتَهُ، وَنُفِيَ، وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: الْقَتْلُ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَمْ يَقْتُلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>