لِكُلِّ وَاحِدٍ جُزْءًا مِنَ الرِّبْحِ مُشَاعًا مَعْلُومًا، فَإِنْ قَالَا: الرِّبْحُ بَيْنَنَا فَهُوَ بَيْنُهُمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا الرِّبْحَ أَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا جُزْءًا مَجْهُولًا أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً أَوْ رِبْحَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُسَاقَاةِ، وَالْمُزَارَعَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَنْ تَكُونَ كَاسِدَةً أَوْ رَابِحَةً ; لِأَنَّهَا إِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً كَانَ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَتَهَا كَالْعُرُوضِ، وَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلَهَا، وَكَذَا الْمَغْشُوشُ، وَفِي ثَالِثٍ: إِنْ كَانَتِ الْفُلُوسُ نَافِقَةً جَازَ، وَإِلَّا فَلَا لِشَبَهِهَا بِالنَّقْدَيْنِ.
(الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِطَا لِكُلِّ وَاحِدٍ جُزْءًا مِنَ الرِّبْحِ مُشَاعًا مَعْلُومًا) كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ ; لِأَنَّ الرِّبْحَ مُسْتَحَقٌّ لَهُمَا بِحَسَبِ الِاشْتِرَاطِ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنِ اشْتِرَاطِهِ كَالْمُضَارَبَةِ، وَاشْتَرَطَ كَوْنَهُ مُشَاعًا لِأَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً احْتَمَلَ أَنْ لَا يَرْبَحَ غَيْرَهَا، فَيَأْخُذَ جَمِيعَ الرِّبْحِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَرْبَحَ، فَأَخَذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ جُزْءًا، وَقَدْ يَرْبَحُ كَثِيرًا، فَيَسْتَضِرَّ مَنْ شُرِطَتْ لَهُ، وَاشْتَرَطَ كَوْنَهُ مَعْلُومًا ; لِأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ يُفْضِي إِلَى التَّنَازُعِ، وَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ ; لِأَنَّ الْعَمَلَ يُسْتَحَقُّ بِهِ الرِّبْحُ كَالْمُضَارَبَةِ، وَقَدْ يَتَفَاضَلَانِ فِيهِ لِقُوَّةِ حِذْقِهِ (فَإِنْ قَالَا: الرِّبْحُ بَيْنَنَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَيْهِمَا إِضَافَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، فَاقْتَضَى التَّسْوِيَةَ.
كَقَوْلِهِ: هَذِهِ الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ (فَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا الرِّبْحَ) لَمْ يَصِحَّ كَالْمُضَارَبَةِ ; لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنَ الشَّرِكَةِ فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ (أَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا جُزْءًا مَجْهُولًا) فَكَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَمْنَعُ تَسْلِيمَ الْوَاجِبِ، وَلِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا فَلَمْ يَصِحَّ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالثَّمَنِ، لَكِنْ لَوْ قَالَ: لَكَ مِثْلُ مَا شُرِطَ لِفُلَانٍ، وَهُمَا يَعْلَمَانِهِ صَحَّ (أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً) لَمْ يَصِحَّ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّ الْعَامِلَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ حِصَّتُهُ مَعْلُومَةً بِالْقَدْرِ، فَإِذَا جُهِلَتِ الْأَجْزَاءُ فَسَدَتْ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَ لِنَفْسِهِ جُزْءًا وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ.
وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْقِرَاضِ إِجْمَاعُ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ فِيمَا إِذَا جَعَلَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، فَلَوْ قَالَ: لَكَ نِصْفُ الرِّبْحِ إِلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بَطَلَتْ لِزِيَادَتِهَا (أَوْ رِبْحَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ) أَوْ رِبْحَ إِحْدَى السَّفْرَتَيْنِ، أَوْ رِبْحَ تِجَارَتِهِ فِي شَهْرٍ أَوْ عَامٍ بِعَيْنِهِ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَرْبَحُ فِي ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ دُونَ غَيْرِهِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، فَيَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِالرِّبْحِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute