للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالِاسْتِعْمَالِ، كَخَمْلِ الْمِنْشَفَةِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ، فَإِنْ فَعَلَ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(كَخَمْلِ الْمِنْشَفَةِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) أَصَحُّهُمَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الِاسْتِعْمَالِ تَضْمَنُ الْإِذْنَ فِي الْإِتْلَافِ، وَمَا أُذِنَ فِي إِتْلَافِهِ لَا يُضْمَنُ كَالْمَنَافِعِ، وَالثَّانِي: بَلَى؛ لِأَنَّهَا أَجْزَاءٌ مَضْمُونَةٌ، لَوْ تَلِفَتِ الْعَيْنُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا، فَوَجَبَ أَنْ يُضْمَنَ بِتَلَفِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ كَسَائِرِ الْأَجْزَاءِ، وَرُدَّ بِالْفَرْقِ، فَإِنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنَ الْعَيْنِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَلِفَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا الَّذِي لَا يَذْهَبُ بِالِاسْتِعْمَالِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ مَا ضُمِنَتْ جُمْلَتُهُ ضُمِنَتْ أَجْزَاؤُهُ كَالْمَغْصُوبِ، وَكَذَا لَوْ تَلِفَ جُزْؤُهَا بِاسْتِعْمَالٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ، كَاسْتِعَارَةِ ثَوْبٍ فِي لُبْسٍ، فَحَمَلَ فِيهِ تُرَابًا؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِتَعَدِّيِهِ، أَمَّا مَا تَلِفَ بِطُولِ الزَّمَانِ فَهُوَ كَالَّذِي تَلِفَ بِالِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِالْإِمْسَاكِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، أَشْبَهَ تَلَفُهُ بِالْفِعْلِ الْمَأْذُونِ فِيهِ.

تَنْبِيهٌ: الْخِلَافُ جَارٍ فِي وَلَدِ الْعَارِيَّةِ وَزِيَادَتِهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا، وَلَا فَائِدَةَ لِلْمُسْتَعِيرِ فِيهِ، وَكَذَا تَجْرِي فِي وَلَدِ مُؤَجَّرَةٍ وَوَدِيعَةٍ، وَيُصَدَّقُ الْمُسْتَعِيرُ فِي عَدَمِ التَّعَدِّي حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ.

(وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ) لِأَنَّهَا إِبَاحَةُ الْمَنْفَعَةِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُبِيحَهَا غَيْرَهُ كَإِبَاحَةِ الطَّعَامِ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، بَلِ الِانْتِفَاعُ بِهَا مُسْتَفَادٌ بِالْإِذْنِ لَا بِطْرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ، وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ عَلَى حَسَبِ مَا مَلَكَهُ، فَجَازَ كَإِيجَارِ الْمُسْتَأْجِرِ. قَالَ فِي " الشَّرْحِ " وَحَكَاهُ صَاحِبُ " الْمُحَرَّرِ " قَوْلًا لِأَحْمَدَ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعَارَهُ أَرْضَهُ سَنَةً لِيَبْنِيَ فِيهَا، لَمْ يَحِلَّ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّرَ الْمَنْفَعَةَ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَأُطْلِقَ فِي " الْفُرُوعِ " الْخِلَافُ، أَصْلُهُمَا هَلْ هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، أَوْ إِبَاحَةٌ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ، وَفِي " الْمُنْتَخَبِ " يَصِحُّ، قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ ": يَكْفِي مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَى مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (فَإِنْ فَعَلَ) فَلِمَالِكِهَا الرُّجُوعُ بِأُجْرَةٍ مِثْلِهَا عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ سَلَّطَ غَيْرَهُ عَلَى أَخْذِ مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>