للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَبْرِي، وَاعْتَزِلِي، وَمَا أَشْبَهَهُ، وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْتِ، وَحَلَلْتِ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْكِ، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكِ، هَلْ هِيَ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ،

وَمِنْ شَرْطِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: اسْتَبْرَأْتُ الْجَارِيَةَ، إِذَا تَرَكْتُهَا حَتَّى تَبْرَأَ رَحِمُهَا، وَتَبِينَ حَالُهَا، هَلْ هِيَ حَامِلٌ أَوْ لَا.

(وَاعْتَزِلِي) اعْتَزَلَ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ بِمَعْزِلٍ مِنْهُ، فَمَعْنَى اعْتَزِلِي أَيْ: كُونِي وَحْدَكِ فِي جَانِبٍ.

(وَمَا أَشْبَهَهُ) كَقَوْلِهِ: اخْتَارِي نَفْسَكِ، وَوَهَبْتُكِ لِأَهْلِكِ، وَلَا حَاجَةَ لِي بِكِ، وَاللَّهُ قَدْ أَرَاحَكِ مِنِّي، وَمَا بَقِيَ شَيْءٌ، وَجَرَى الْقَلَمُ بِمَا فِيهِ، وَأَغْنَاكِ اللَّهُ، فَهَذَا يَقَعُ بِمَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَفِي " الْمُغْنِي " و" الشَّرْحِ " - فِي: " أَنْتِ وَاحِدَةٌ " -: يَقَعُ وَاحِدَةً، وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْهَا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ طَلَّقَكِ.

وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ: فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَ: إِنْ كَانَ يُرِيدُ أَيَّ دُعَاءٍ يَدْعُو بِهِ، فَأَرْجُو أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، فَلَمْ يَجْعَلْهُ شَيْئًا مَعَ نِيَّةِ الدُّعَاءِ، فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ شَيْءٌ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِرَاقَ صَرِيحٌ، أَوْ لِلْقَرِينَةِ، يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي: إِنْ أَبْرَأْتِنِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: أَبْرَأَكَ اللَّهُ مِمَّا يَدَّعِي النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ، فَظَنَّ أَنَّهُ يَبْرَأُ، فَطَلَّقَ قَالَ: يَبْرَأُ، أَوْ ظَهَرَ أَنَّ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ قَوْلَيْنِ هَلْ يُعْمَلُ بِالْإِطْلَاقِ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ أَمْ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ؛ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَاعَكِ، أَوْ قَدْ أَقَالَكِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.

(وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَحَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ) الْغَارِبُ: مُقَدَّمُ السِّنَامِ، أَيْ: أَنْتِ مُرْسَلَةٌ مُطْلَقَةٌ غَيْرُ مَشْدُودَةٍ، وَلَا مُمْسَكَةٍ بِعَقْدِ النِّكَاحِ (وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْتِ، وَحَلَلْتِ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْكِ) السَّبِيلُ: الطَّرِيقُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا} [الأعراف: ١٤٦] وقَوْله تَعَالَى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يوسف: ١٠٨] (وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكِ) أَيْ: لَا وَلَايَةَ لِي عَلَيْكِ، وَالسُّلْطَانُ: الْوَالِي، مِنَ السَّلَاطَةِ وَهُوَ الْقَهْرُ.

وَكَذَا: غَطِّ شَعْرَكِ، وَتَقَنَّعِي (هَلْ هِيَ ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَشْهَرُهُمَا: أَنَّهَا كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ، جَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " كَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ أَعْتَقْتُكِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ رِقٌّ.

وَالثَّانِيَةُ: خَفِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «قَالَ لِابْنَةِ الْجَوْنِ: الْحَقِي

<<  <  ج: ص:  >  >>