للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي لَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَإِتْيَانِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ وَسَرِقَةِ مَا لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، وَالْجِنَايَةِ عَلَى النَّاسِ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَالْقَذْفِ بِغَيْرِ الزِّنَا وَنَحْوِهِ، وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ امْرَأَتِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

التَّعْزِيرَ، وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَوْ أَتْلَفَ بِلَا جِنَايَةٍ محرمة لَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ بِلَا تَعْزِيرٍ، وَإِنَّمَا الْكَفَّارَةُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُجَامِعِ فِي الصِّيَامِ وَالْإِحْرَامِ، لَا فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ، إِذْ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ لِاخْتِلَافِ سَبَبِهَا، لِأَنَّ سَبَبَ الْكَفَّارَةِ الْحِنْثُ، وَيَمِينُ الْغَمُوسِ كَذْبَةٌ نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْحِنْثِ، وَسَبَبُ التَّعْزِيرِ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ إِقْدَامُهُ عَلَى الْحَلِفِ كَذِبًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَانَ مِنَ التَّعْزِيرِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَجَبَ، وَمَا لَمْ يَكُنْ وَرَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ وَجَبَ كَالْحَدِّ، وَإِنْ رَأَى الْعَفْوَ جَازَ لِلْأَخْبَارِ، وَإِنْ كَانَ لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَطَلَبَهُ لَزِمَهُ إِجَابَتُهُ، وَفِي الْكَافِي: يَجِبُ التَّعْزِيرُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَرَدَ الْخَبَرُ فِيهِمَا، وَمَا عَدَاهُمَا إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، فَإِنْ جَاءَ تَائِبًا مُعْتَرِفًا قَدْ أَظْهَرَ النَّدَمَ وَالْإِقْلَاعَ جَازَ تَرْكُ تَعْزِيرِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ، وَقَالَ الْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ: إِلَّا إِذَا شَتَمَ نَفْسَهُ أَوْ سَبَّهَا، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مُطَالَبَةٍ (كَالِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْحَدَّ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَعَلَهُ سَيِّئَةً (وَإِتْيَانِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَهُمَا زَانِيَتَانِ» (وَسَرِقَةِ مَا لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ) لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ» (وَالْجِنَايَةِ عَلَى النَّاسِ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ) لِأَنَّهُ تَعَدٍّ عَلَى الْغَيْرِ، أَشْبَهَ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ، لَا يُقَالُ: الْقِيَاسُ يقتضي مشروعية الْقِصَاصُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَالتَّقْدِيرُ خِلَافُهُ، لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِهِ، وَهُوَ لَا يَمْنَعُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَقْتَضِي الْإِيجَابَ مُطْلَقًا، تَرْكُ الْعَمَلِ بِهِ لِمَا ذَكَرْنَا، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَاهُ (وَالْقَذْفِ بِغَيْرِ الزِّنَا) بِأَنْ يَرْمِيَهُ بِالْكَذِبِ، أَوْ بِالْفِسْقِ، فَعَلَى هَذَا: إِنْ تَشَاتَمَ اثْنَانِ عُزِّرَا، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ، فَدَلَّ أَنَّ مَا رَآهُ تَعَيَّنَ، فَلَا يُبْطِلُهُ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ قَدْرُ تَعْزِيرِ عَيْنِهِ (وَنَحْوِهِ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ الرَّجُلِ لِآخَرَ: يَا خَبِيثُ، قَالَ: هُوَ فَاسِقٌ، فِيهِ تَعْزِيرٌ، وَهَذَا كُلُّهُ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ إِمَّا جِنَايَةٌ عَلَى الشَّرْعِ، أَوْ عَلَى آدَمِيٍّ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى الْآدَمِيِّ عَمْدًا مُحَرَّمَةٌ وَفَاعِلُهَا مُقْدِمٌ عَلَى مُخَالَفَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَذَى الْمُسْلِمِينَ، فَيَكُونُ وَاجِبًا كَالْحَدِّ (وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ امْرَأَتِهِ فَعَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>