للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاضِي أَحْضَرَ رُقْعَةً، فَقَالَ: هَذِهِ رُقْعَةُ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ، فَمَنْ خَصْمُهُ؛ فَإِنْ حَضَرَ خَصْمُهُ نَظَرَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ حُبِسَ فِي تُهْمَةٍ أَوِ افْتِئَاتٍ عَلَى الْقَاضِي قَبْلَهُ، خَلَّى سَبِيلَهُ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْقَاضِيَ يَأْمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي الْبَلَدِ بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَنَّهُ يَجْعَلُ الرِّقَاعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَمُدُّ يَدَهُ إِلَيْهَا فَمَا رُفِعَ فِي يَدِهِ مِنْهَا نَظَرَ إِلَى اسْمِ الْمَحْبُوسِ، وَقِيلَ: يَخُصُّهُ بِقُرْعَةٍ. (فَإِذَا كَانَ الْغَدُ وَحَضَرَ الْقَاضِي أَحْضَرَ رُقْعَةً، فَقَالَ: هَذِهِ رُقْعَةُ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ، فَمَنْ خَصْمُهُ؟) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْحُكْمُ إِلَّا بِذَلِكَ. (فَإِنْ حَضَرَ خَصْمُهُ نَظَرَ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُ لِذَلِكَ وُلِّيَ، وَلَا يُسْأَلُ خَصْمَهُ لِمَ حَبَسْتَهُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحَاكِمَ إِنَّمَا حَبَسَهُ لِحَقٍّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يَسْأَلُ الْمَحْبُوسَ لِمَ حُبِسْتَ؛ فَإِنْ قَالَ: جِئْتُ بِحَقٍّ أَمَرَهُ بِقَضَائِهِ. طَلَبَهُ وَخَصَمَهُ، فَإِنْ أَبَى وَلَهُ مَوْجُودٌ قَضَاهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ كَالْمُدَّعَى بِهِ. وَفِي الشَّرْحِ: قَالَ لَهُ الْقَاضِي: اقْضِهِ وَإِلَّا رَدَدْتُكَ إِلَى الْحَبْسِ. فَإِنِ ادَّعَى عَجْزًا وَكَذَّبَهُ خَصْمُهُ، أَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَلَا بَيِّنَةَ تَشْهَدُ بِتَلَفِهِ أَوْ نَفَادِهِ أَوْ عَجْزِهِ أَوْ عُسْرَتِهِ، أُعِيدَ حَبْسُهُ إِنْ طَلَبَهُ غَرِيمُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ قَضَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ مَوْجُودِهِ أَوْ ثَمَنِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أُعِيدَ حَبْسُهُ بِطَلَبِ غَرِيمِهِ. وَقِيلَ: إِنْ حَلَفَ خَصْمُهُ أَنَّهُ قَادِرٌ حَبَسَهُ. وَإِلَّا حَلَفَ الْمُنْكِرُ عَلَى التَّلَفِ وَالْإِعْسَارِ، وَخُلِّيَ كَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ. وَإِنْ صَدَّقَهُ غَرِيمُهُ فِي عَجْزِهِ وَإِعْسَارِهِ، أَوْ ثَبَتَ بَيِّنَةٌ أُطْلِقَ بِلَا يَمِينٍ. قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ ; لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِالظَّاهِرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ لَا يَعْلَمُهُ. وَإِنْ أَقَامَ خَصْمُهُ بَيِّنَةً بِأَنَّ لَهُ مِلْكًا مُعَيَّنًا، فَقَالَ: هُوَ لِزَيْدٍ. فَكَذَّبَهُ زَيْدٌ، بِيعَ فِي الدَّيْنِ ; لِأَنَّ إِقْرَارَهُ سَقَطَ بِإِكْذَابِهِ. وَكَذَا إِنْ صَدَّقَهُ زَيْدٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ لِصَاحِبِ الْيَدِ بِالْمِلْكِ، فَتَضَمَّنَتْ شَهَادَتُهَا وُجُوبَ الْقَضَاءِ مِنْهُ، فَإِذَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ قُبِلَتْ فِيمَا تَضَمَّنَتْهُ ; لِأَنَّهَا حَقُّ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي إِقْرَارِهِ لِغَيْرِهِ. وَفِيهِ وَجْهٌ يُثْبِتُ الْإِقْرَارَ وَيُسْقِطُ الْبَيِّنَةَ ; لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِالْمِلْكِ لِمَنْ لَا يَدَّعِيهِ وَيُنْكِرُهُ. فَإِنْ صَدَّقَهُ زَيْدٌ وَلَهُ بَيِّنَةٌ فَهُوَ لَهُ ; لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ قَوِيَتْ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ. وَإِنْ عِلْمَ رَبُّ الدَّيْنِ عُسْرَتَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ حَبْسُهُ، وَوَجَبَ إِنْظَارُهُ إِلَى يُسْرَتِهِ. (فإِنْ كَانَ حُبِسَ فِي تُهْمَةٍ أَوِ افْتِئَاتٍ عَلَى الْقَاضِي قَبْلَهُ خَلَّى سَبِيلَهُ) ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ، لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ ظُلْمٌ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّأْدِيبُ، وَقَدْ حَصَلَ. وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ: أَنَّ الْحَاكِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>