للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدُّ وَالْمَهْرُ، وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ، وَإِنْ وَطِئَهَا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَادَّعَى الْجَهَالَةَ وَكَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَا مَهْرَ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهَا (وَالْمَهْرُ) لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ الْمَمْلُوكَةَ لِسَيِّدِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَكَانَ عَلَيْهِ عِوَضُهَا كَأَرْشِ بَكَارَتِهَا، وَظَاهِرُهُ يَجِبُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكْرَهَهَا، أَوْ طَاوَعَتْهُ اعْتَقَدَ الْحِلَّ أَوْ لَا، أَوِ ادَّعَى شُبْهَةً، أَوْ لَمْ يَدَّعِهَا؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ حَقٌّ آدَمِيٌّ، فَلَا يَسْقُطُ بِالشُّبَهَاتِ (وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا، وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ، أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ.

(وَإِنْ وَطِئَهَا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَادَّعَى الْجَهَالَةَ) بِالتَّحْرِيمِ (وَكَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ) كَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ، أَوْ حَدِيثِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ (فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِهَا (وَلَا مَهْرَ) ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ بِسَبَبِ الْوَطْءِ، وَقَدْ أَذِنَ فِيهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَهَا بِإِذْنِهِ، وَلِأَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، فَلَمْ يَجِبْ عِوَضُهَا كَالْحُرَّةِ الْمُطَاوِعَةِ (وَوَلَدُهُ حُرٌّ) ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا مُعْتَقَدًا إِبَاحَةَ وَطْئِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا أَمَتَهُ (لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ) بِخِلَافِ الْمَغْرُورِ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ عَنْ وَطْءٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ كَالْمَهْرِ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا تَسْقُطُ قِيمَةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ أَحَالَ بَيْنَ الْوَلَدِ وَبَيْنَ مَالِكِهِ بِاعْتِقَادِهِ فَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ كَالْمَغْرُورِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالْوَلَدِ مِنْ حَيْثُ أَنَّ الْإِذْنَ صَرِيحٌ فِي الْوَطْءِ الْمُوجِبِ لِلْمَهْرِ فَأَسْقَطَهُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ، فَإِنَّ الْإِذْنَ فِي الْوَطْءِ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْإِحْبَالِ، فَلَمْ يُسْقِطْهُ.

قَالَ فِي " النِّهَايَةِ ": وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْوَطْءِ إِذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَلْزَمْهُ قِيمَتُهُ كَالْمَهْرِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مَعَ الْإِذْنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ لَا يَجْهَلُ ذَلِكَ كَالنَّاشِئِ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَدَعْوَاهُ الْجَهْلَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَيَكُونُ وَلَدُهُ رَقِيقًا.

مَسْأَلَةٌ: لَهُ بَيْعُ مَا جَهِلَ رَبَّهُ إِنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، وَالصَّدَقَةُ بِهِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَرَفَهُمْ خَيَّرَهُمْ بَيْنَ الْأَجْرِ وَيُغْرَمُ لَهُمْ، وَفِي إِذْنِ حَاكِمٍ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَأَخْذِ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهِ مَعَ عَدَمِهِ رِوَايَتَانِ، كَشِرَاءِ وَكِيلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>