للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدِهِ. وَقِيلَ: يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ سَيِّدُهُ أَمَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّسَرِّي بِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

اللَّهِ» .

١ -

(وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ قُدَمَاءِ الْأَصْحَابِ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ عَلَى رِوَايَتَيِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ، بَلِ الْخِرَقِيُّ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: إِنَّهُ لَا يُمَلَّكُ وَيُبَاحُ لَهُ التَّسَرِّي، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: أَيَتَسَرَّى الْعَبْدُ؛ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى هَذَا، قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَمَنِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] الْآيَةَ، فَأَيُّ مِلْكٍ لِلْعَبْدِ؛ قَالَ: إِذَا مَلَكَهُ مَلَكَ، يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنِ اشْتَرَى عَبْدَا وَلَهُ مَالٌ فَقَدْ جَعَلَ لَهُ مِلْكًا» وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِمَّنِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ فِي النِّكَاحِ فَمَلَكَ التَّسَرِّي كَالْحُرِّ، وَلِأَنَّهُ آدَمِيٌّ فَيَمْلِكُ الْمَالَ كَالْحُرِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِآدَمِيَّتِهِ يَتَمَهَّدُ لِأَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ إِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْأَمْوَالَ لِلْآدَمِيِّينَ لِيَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى الْقِيَامِ بِوَظَائِفِ التَّكَالِيفِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْجَنِينِ مَعَ كَوْنِهِ نُطْفَةً لَا حَيَاةَ فِيهَا - بِاعْتِبَارِ مَآلِهِ إِلَى الْآدَمِيَّةِ، فَالْعَبْدُ الَّذِي هُوَ آدَمِيٌّ مُكَلَّفٌ أَوْلَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا تَسَرَّى بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَنَّ الْوَلَدَ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَأَطْلَقَ تَسَرَّى بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ كَالتَّزْوِيجِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَلَهُ التَّسَرِّي بِمَا شَاءَ. نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ التَّسَرِّي جَازَ لَهُ بِغَيْرِ حَصْرٍ كَالْحُرِّ (وَقِيلَ: يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ) كَذَا بَنَاهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ مَنْ بَعْدَهُ. احْتَجَّ الْمَانِعُ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْمَالَ، وَالْوَطْءُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي نِكَاحٍ، أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ لِلنَّصِّ. وَاحْتَجَّ الْمُجِيزُ بِمَا سَلَفَ إِذِ الشَّارِعُ يُثْبِتُ مِنَ الْمِلْكِ مَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْعِبَادِ وَيَمْنَعُ مَا فِيهِ فَسَادُهُمْ، وَالْعَبْدُ مُحْتَاجٌ إِلَى النِّكَاحِ، فَالْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِي ثُبُوتَ مِلْكِ الْبِضْعِ لَهُ، وَإِلَّا فَكَوْنُ الْعَبْدِ يَمْلِكُ مُطْلَقًا إِضْرَارٌ بِالسَّيِّدِ، وَمَنْعُهُ مُطْلَقًا إِضْرَارٌ بِهِ، فَالْعَدْلُ ثُبُوتُ قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَقَوْلُهُمْ إِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمَالَ - مَمْنُوعٌ (وَلَوْ وَهَبَ لَهُ سَيِّدُهُ أَمَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّسَرِّي بِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ) لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>