للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْعَ لَزِمَهُ بَيْعُهُ وَلَهُ تَأْدِيبُ رَقِيقِهِ بِمَا يُؤَدِّبُ بِهِ وَلَدَهُ وَامْرَأَتَهُ. وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يُخَفِّفَ عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ، أَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ كَسْبِهِ لَمْ يَجُزْ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِنَّ قَدَّرَ خَرَاجًا بِقَدْرِ كَسْبِهِ لَمْ يُعَارَضْ، وَهُوَ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي هَدِيَّةِ طَعَامٍ وَإِعَارَةِ مَتَاعٍ وَعَمَلِ دَعْوَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَإِنَّ فَائِدَةَ الْمُخَارَجَةِ تَرْكُ الْعَمَلِ بَعْدَ الضَّرِيبَةِ

١ -

(وَمَتَى امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَطَلَبَ الْعَبْدُ الْبَيْعَ لَزِمَهُ بَيْعُهُ) نَصَّ عَلَيْهِ كَزَوْجَةٍ، وَقَالَهُ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " وَغَيْرِهَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، سَوَاءٌ امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ ذَلِكَ لِعَجُزٍ، أَوْ غَيْرِهِ ; لِأَنَّ بَقَاءَ مِلْكِهِ عَلَيْهِ مَعَ الْإِخْلَالِ بِسَدِّ أَمْرِهِ إِضْرَارٌ بِهِ، وَإِزَالَةُ الضَّرَرِ وَاجِبَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «جَارِيَتُكَ تَقُولُ أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي إِلَى مَنْ تَتْرُكُنِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ: أَتُبَاعُ الْجَارِيَةُ وَهُوَ يَكْسُوهَا وَيُطْعِمُهَا؛ قَالَ: لَا إِلَّا أَنْ تَحْتَاجَ إِلَى زَوْجٍ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلسَّيِّدِ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إِزَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ كَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ مَعَ الْقِيَامِ بِمَا يَجِبُ لَهَا، وَلَا عَلَى بَيْعِ بَهِيمَةٍ مَعَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا.

(وَلَهُ تَأْدِيبُ رَقِيقِهِ) عَبْدًا كَانَ، أَوْ أَمَةً (بِمَا يُؤَدِّبُ بِهِ وَلَدَهُ وَامْرَأَتَهُ) أَيْ: لَهُ تَأْدِيبُهُمَا بِالتَّوْبِيخِ، وَالضَّرْبِ كَمَا يُؤَدِّبُ وَلَدَهُ وَامْرَأَتَهُ فِي النُّشُوزِ وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَلَيْسَ لَهُ ضَرْبُهُ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ، وَلَا أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا إِنْ أَذْنَبَ، وَلَا لَطْمُهُ فِي وَجْهِهِ ; لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مَنْ لَطَمَ غُلَامَهُ فَكَفَّارَتُهُ عِتْقُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: لَا يَضْرِبُ إِلَّا فِي ذَنْبٍ بَعْدَ عَفْوِهِ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَلَا يَضْرِبُهُ شَدِيدًا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَضْرِبُهُ إِلَّا فِي ذَنْبٍ عَظِيمٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا» وَيُقَيِّدُهُ إِذَا خَافَ عَلَيْهِ، وَيَضْرِبُهُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ وَافَقَهُ، وَإِلَّا بَاعَهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تُعَذِّبُوا عِبَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>