سَافَرَ بِهِمْ، وَإِذَا وَلِيَ أَحَدُهُمْ طَعَامَهُ أَطْعَمَهُ مَعَهُ، فَإِنْ أَبَى أَطْعَمَهُ مِنْهُ، وَلَا يَسْتَرْضِعُ الْأَمَةَ لِغَيْرِ وَلَدِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ رِيِّهِ، وَلَا يُجْبَرُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُخَارَجَةِ. فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَيْهَا جَازَ، وَمَتَى امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَطَلَبَ الْعَبْدُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
غُرْفَةٍ، وَهِيَ النَّوْبَةُ (إِذَا سَافَرَ بِهِمْ) لِئَلَّا يُكَلِّفَهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَمَعْنَاهُ يُرْكِبُهُ تَارَةً وَيُمْشِيهِ أُخْرَى (وَإِذَا وَلِيَ أَحَدُهُمْ طَعَامَهُ أَطْعَمَهُ مَعَهُ، فَإِنْ أَبَى أَطْعَمَهُ مِنْهُ) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إِذَا كَفَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ طَعَامَهُ حَرَّهُ وَدُخَّانَهُ فَلْيُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُرَوِّغْ لَهُ اللُّقْمَةَ، وَاللُّقْمَتَيْنِ» وَمَعْنَى التَّرْوِيغِ غَمْسُهَا فِي الْمَرَقِ، وَالدَّسَمِ وَدَفَعُهَا إِلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْحَاضِرَ تَتُوقُ نَفْسُهُ إِلَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا يَأْكُلُ إِلَّا بِإِذْنِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ (وَلَا يَسْتَرْضِعُ الْأَمَةَ لِغَيْرِ وَلَدِهَا) لِأَنَّ فِيهِ إِضْرَارًا بِوَلَدِهَا لِلنَّقْصِ مِنْ كِفَايَتِهِ وَصَرْفِ اللَّبَنِ الْمَخْلُوقِ لَهُ إِلَى غَيْرِهِ مَعَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ كَنَقْصِ الْكَبِيرِ عَنْ كِفَايَتِهِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ رِيِّهِ) لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَقَدِ اسْتَغْنَى عَنْهُ الْوَلَدُ، فَكَانَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ وَلَدُهَا وَبَقِيَ لَبَنُهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ إِجَارَتُهَا بِلَا إِذْنِ زَوْجٍ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: لِاشْتِغَالِهَا عَنْهُ بِرَضَاعٍ وَحَضَانَةٍ، وَهَذَا إِنَّمَا يَجِيءُ إِذَا آجَرَهَا فِي مُدَّةِ حَقِّ الزَّوْجِ، فَلَوْ آجَرَهَا فِي غَيْرِهِ تَوَجَّهَ الْجَوَازُ وَإِطْلَاقُهُ مُقَيَّدٌ بِتَعْلِيلِهِ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَلَّا يَلْزَمَ تَقْيِيدُهُ بِهِ، فَأَمَّا إِنْ ضَرَّ ذَلِكَ بِهَا لَمْ يَجُزْ (وَلَا يُجْبَرُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُخَارَجَةِ) وَمَعْنَاهُ أَنْ يَضْرِبَ عَلَيْهِ خَرَاجًا مَعْلُومًا يُؤَدِّيَهُ إِلَى سَيِّدِهِ، وَمَا فَضَلَ لِلْعَبْدِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ عَقْدٌ بَيْنَهُمَا، فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَالْكِتَابَةِ (فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَيْهَا جَازَ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ كَسْبِهِ فَأَقَلَّ بَعْدَ نَفَقَتِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ أَبَا طَيِّبَةَ حَجَّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ وَأَمَرَ مُوَالِيَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ» ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَضْرِبُونَ عَلَى رَقِيقِهِمْ خَرَاجًا، وَرُوِيَ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ لَهُ أَلْفُ مَمْلُوكٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِرْهَمٌ كُلَّ يَوْمٍ، وَجَاءَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَسَأَلَهُ أَنْ يَسْأَلَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute