لَهُمْ ذُرِّيَّةٌ، وَمَنْ أُسِرَ مِنْ رِجَالِهِمْ حُبِسَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ، ثُمَّ يُرْسَلَ، وَإِنْ أُسِرَ صَبِيٌّ، أَوِ امْرَأَةٌ، فَهَلْ يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ، أَوْ يُخَلَّى فِي الْحَالِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَإِذَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مَرْوَانُ، قَالَ: خَرَجَ خَارِجٌ يَوْمَ الْجَمَلِ لِعَلِيٍّ: لَا يُقْتَلَنَّ مُدْبِرٌ، وَلَا يُذَفَّفْ عَلَى جَرِيحٍ، وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَعَنْ عَمَّارٍ نَحْوَهُ، وَكَالصَّائِلِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِنَّ الْمُدْبِرَ مَنِ انْكَسَرَتْ شَوْكَتُهُ لَا الْمُتَحَرِّفَ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، فَعَلَى هَذَا: إِذَا قَتَلَ إِنْسَانًا مُنِعَ مِنْ قَتْلِهِ ضَمِنَهُ، وَهَلْ يَلْزَمْهُ الْقِصَاصُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ (وَلَا يُغْنَمُ لَهُمْ مَالٌ) لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكْفُرُوا بِبَغْيِهِمْ وَقِتَالِهِمْ، وَعِصْمَةُ الْأَمْوَالِ تَابِعَةٌ لِدِينِهِمْ (وَلَا تُسْبَى لَهُمْ ذُرِّيَّةٌ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِأَحَدٍ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ سَبَبٌ أَصْلًا، بِخِلَافِ أَهْلِ الْبَغْيِ، فَإِنَّهُ وُجِدَ مِنْهُمُ الْبَغْيُ وَالْقِتَالُ.
(وَمَنْ أُسِرَ مِنْ رِجَالِهِمْ حُبِسَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ) لِأَنَّ فِي إِطْلَاقِهِمْ ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ (ثُمَّ يُرْسَلُ) بَعْدَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ إِرْسَالِهِمْ خَوْفُ مُسَاعَدَةِ أَصْحَابِهِمْ، وَقَدْ زَالَ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": لَا، مَعَ بَقَاءِ شَوْكَتِهِمْ، وَقِيلَ: يُرْسَلُ إِنْ أُمِنَ ضَرَرُهُ، فَإِنْ بَطَلَتْ، وَيُتَوَقَّعُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْحَالِ فَوَجْهَانِ.
فَرْعٌ: إِذَا أَسَرَ رَجُلًا مُطَاعًا خُلِّيَ، زَادَ فِي " الرِّعَايَةِ ": إِنْ أُمِنَ شَرُّهُ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ فِي الطَّاعَةِ، وَفِي " الْكَافِي " وَ " الشَّرْحِ ": وَكَانَ رَجُلًا جَلْدًا حُبِسَ، وَأُطْلِقَ بَعْدَ الْحَرْبِ، زَادَ فِي " الشَّرْحِ ": وَشُرِطَ عَلَيْهِ أَلَّا يَعُودَ إِلَى الْقِتَالِ.
(وَإِنْ أُسِرَ صَبِيٌّ أَوِ امْرَأَةٌ، فَهَلْ يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ، أَوْ يُخَلَّى فِي الْحَالِ، يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ) .
أَحَدُهُمَا: يُحْبَسُونَ، لِأَنَّ فِيهِ كَسْرَ قُلُوبِ الْبُغَاةِ، وَكَالرَّجُلِ.
وَالثَّانِي: يُخَلَّوْنَ فِي الْحَالِ، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَصَحَّحَهُ فِي " الْكَافِي " وَ " الشَّرْحِ "، لِأَنَّهُ لَا يُخْشَى مِنْ تَخْلِيَتِهِ.
فَرْعٌ: لَا يُكْرَهُ لِلْعَادِلِ قَتْلُ ذَوِي رَحِمِهِ الْبَاغِينَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِحَقٍّ، أَشْبَهَ إِقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ يُكْرَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute