أَدْخَلَ إِلَى جَوْفِهِ شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، أَوِ اسْتَقَاءَ أَوِ اسْتَمْنَى، أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ فَأَمْنَى،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِأَنَّ الْعَيْنَ مَنْفَذٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَادٍ. وَكَالْوَاصِلِ مِنَ الْأَنْفِ (أَوْ دَاوَى الْمَأْمُومَةَ، أَوْ قَطَرَ فِي أُذُنِهِ مَا يَصِلُ إِلَى دِمَاغِهِ) لِأَنَّ الدِّمَاغَ أَحَدُ الْجَوْفَيْنِ فَالْوَاصِلُ إِلَيْهِ يُغَذِّيهِ فَأَفْسَدَ الصَّوْمَ كَالْآخَرِ (أَوْ أَدْخَلَ إِلَى جَوْفِهِ شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ) وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَهُوَ شَامِلٌ إِذَا طَعَنَ نَفْسَهُ أَوْ طَعَنَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ بِشَيْءٍ فِي جَوْفِهِ، فَغَابَ هُوَ أَوْ بَعْضُهُ فِيهِ، أَوِ ابْتَلَعَ خَيْطًا وَيُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِالْوَاصِلِ، وَجَزَمَ فِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " بِأَنَّهُ يَكْفِي الظَّنُّ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يُفْطِرُ بِمُدَاوَاةِ جَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ، وَلَا بِحَقْنِهِ (أَوِ اسْتَقَاءَ) أَيِ: اسْتَدْعَى الْقَيْءَ فَقَاءَ، لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَرْفُوعِ «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: إِسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَ الْمَجْدُ أَنَّهُ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ كَسَائِرِ الْمُفْطِرَاتِ. وَعَنْهُ: يُفْطِرُ بِمَلْءِ الْفَمِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَيُقَدَّرُ بِمَا لَا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ مَعَهُ، وَعَنْهُ: أَوْ نِصْفِهِ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ، وَعَنْهُ: إِنْ فَحُشَ، وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ، وَبَالَغَ ابْنُ عَقِيلٍ فَقَالَ: إِذَا قَاءَ بِنَظَرِهِ إِلَى مَا يَقِيئُهُ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ، كَالنَّظَرِ وَالْفِكْرِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ: لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَخَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقُ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ.
(أَوِ اسْتَمْنَى) أَيِ: اسْتَدْعَى خُرُوجَ الْمَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ إِذَا فَسَدَ بِالْقُبْلَةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِالْإِنْزَالِ فَلِأَنْ يَفْسُدُ بِهِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى، لَكِنْ لَوِ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ، وَلَمْ يُنْزِلْ فَقَدْ أَتَى مُحَرَّمًا، وَلَا يَفْسُدُ بِهِ، فَأَمَّا إِنْ أَنْزَلَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا كَالْبَوْلِ (أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ فَأَمْنَى) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ «عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: هَشَشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي فَعَلْتُ أَمْرًا عَظِيمًا، فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ مِنْ إِنَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ؛ قُلْتُ: لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: فَمَهْ» فَشَبَّهَ الْقُبْلَةَ بِالْمَضْمَضَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْفِطْرِ، فَإِنَّ الْمَضْمَضَةَ إِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute