الْمَصَالِحِ، وَيَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ مِنْ سَدِّ الثُّغُورِ وَكِفَايَةِ أَهْلِهَا وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مَنْ يَدْفَعُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ مِنْ سَدِّ الْبُثُوقِ، وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ، وَعَمَلِ الْقَنَاطِرِ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُخَمَّسُ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يُخَمَّسُ فَيُصْرَفُ خُمُسُهُ إِلَى أَهْلِ الْخُمُسِ، وَبَاقِيهِ لِلْمَصَالِحِ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ فَضْلٌ، قُسِّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَيَبْدَأُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالْجُنْدِ، وَمَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. (وَيَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ)
مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لِأَهْلِ الدَّارِ
الَّتِي بِهَا حِفْظُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمْنُهُمْ مِنَ الْعَدُوِّ. (مِنْ سَدِّ الثُّغُورِ) بِأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالسِّلَاحِ (وَكِفَايَةِ أَهْلِهَا) أَيِ: الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِمْ (وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ) مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الثُّغُورِ. (مَنْ يَدْفَعُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، وَدَفْعُ الْكُفَّارِ هُوَ الْمَقْصُودُ، فَلِذَلِكَ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ (ثُمَّ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ مِنْ سَدِّ الْبُثُوقِ) جَمْعُ بَثْقٍ، وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُنْفَتِحُ فِي جَانِبَيِ النَّهْرِ. (وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ) أَيْ: تَعْزِيلُهَا. (وَعَمَلُ الْقَنَاطِرَ) . وَهِيَ الْجُسُورُ (وَأَرْزَاقُ الْقُضَاةِ) الْعُلَمَاءِ (وَغَيْرُ ذَلِكَ) كَالْفُقَهَاءِ وَالْأَئِمَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ وَنَحْوِهِمْ، مِمَّا لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ نَفْعٌ،
وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ
أَشْبَهَ الْأَوَّلَ (وَلَا يُخَمَّسُ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَضَافَهُ إِلَى أَهْلِ الْخُمُسِ، كَمَا أَضَافَ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ، فَإِيجَابُ الْخُمُسِ فِيهِ لِأَهْلِهِ دُونَ بَاقِيهِ مَنْعٌ لِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - لَهُمْ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَلَوْ أُرِيدَ الْخُمُسُ مِنْهُ لَذَكَرَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - كَمَا ذَكَرَهُ فِي خُمُسِ الْغَنِيمَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ ظَهَرَ إِرَادَةُ الِاسْتِيعَابِ (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ يُخَمَّسُ) هَذَا رِوَايَةٌ، وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: ٧] الْآيَةَ لِأَنَّهَا اقْتَضَتْ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهُ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ أَهْلُ الْخُمُسِ، وَالْآيَةُ السَّابِقَةُ، وَمَا وَرَدَ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاكِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ، فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِلتَّنَاقُضِ، وَالتَّعَارُضِ، وَفِي إِيجَابِ الْخُمُسِ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، فَإِنَّ خُمُسَهُ لِمَنْ ذُكِرَ، وَسَائِرَهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ مَظْهُورٌ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ تَخْمِيسُهُ كَالْغَنِيمَةِ (فَيُصْرَفُ خُمُسُهُ إِلَى أَهْلِ الْخُمُسِ وَبَاقِيهِ لِلْمَصَالِحِ) لِمَا ذَكَرْنَا، لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي: لَمْ أَجِدْ لِمَا قَالَ الْخِرَقِيُّ نَصًّا فَأَحْكِيَهِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَخْمُوسٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute