للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَخْتَارَ ذَلِكَ، وَعَنْ أَحْمَدَ: لَا تُمْلَكُ إِلَّا الْأَثْمَانُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَمَلُّكِهَا، لَبَيَّنَهُ لَهُ، وَلِمَ يُجَوِّزْ لَهُ التَّصَرُّفَ قَبْلَهُ، وَلِأَنَّ الِالْتِقَاطَ وَالتَّعْرِيفَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ، فَإِذَا تَمَّ وَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ بِهِ الْمِلْكُ حُكْمًا، كَالْإِحْيَاءِ وَالِاصْطِيَادِ (وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَخْتَارَ ذَلِكَ) وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي " الْوَاضِحِ "؛ لِأَنَّ هَذَا يُمْلَكُ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يَحْصُلْ إِلَّا بِاخْتِيَارِ الْمَالِكِ كَالْقَرْضِ، فَعَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ، فَلَوِ الْتَقَطَهَا اثْنَانِ فَعَرَّفَاهَا حَوْلًا مَلَكَاهَا، فَإِنْ قُلْنَا تَقِفُ عَلَى الِاخْتِيَارِ، فَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ مَلَكَ الْمُخْتَارُ نَصِفَهَا، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ هَاتِهَا، فَأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، فَهِيَ لَهُ دُونَ الْآمِرِ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِلْآمِرِ فَهِيَ لَهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الِاصْطِيَادِ، وَفِي " الْكَافِي " لِرَافِعِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ (وَعَنْ أَحْمَدَ لَا تُمْلَكُ إِلَّا الْأَثْمَانُ وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ) نَقَلَهَا وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ فِيهَا، وَغَيْرُهَا لَا يُسَاوِيهَا لِعَدَمِ الْغَرَضِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا، فَمِثْلُهَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، فَدَلَّ أَنَّ الْعُرُوضَ لَا تُمْلَكُ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ مَعَ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي " الْمُغْنِي "، وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرْقًا بَيْنَ الْأَثْمَانِ، وَالْقُرُوضِ، وَعَنْهُ: وَلَا الشَّاةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَنَّ الشَّاةَ تُمْلَكُ دُونَ الْعُرُوضِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

(وَهَلْ لَهُ الصَّدَقَةُ بِغَيْرِهَا) أَيْ: بَعْدَ التَّعْرِيفِ الْمُعْتَبَرِ تُبَاعُ، وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا (عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَظْهَرُهُمَا: لَهُ الصَّدَقَةُ بِهِ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْتَفِعُ بِمَا لَهُ تَارَةً لِمَعَاشِهِ، وَتَارَةً لِمَعَادِهِ، فَإِذَا انْتَفَى الْأَوَّلُ تَعَيَّنَ الثَّانِي، وَالثَّانِي: لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَظْهَرَ صَاحِبُهَا فَيَأْخُذَهَا. قَالَ الْخَلَّالُ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ، فَعَلَيْهِ يُعَرِّفُهَا أَبَدًا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي " الْخِصَالِ " يُخَيَّرُ بَيْنَ تَعْرِيفِهَا أَبَدًا وَبَيْنَ دَفْعِهَا إِلَى الْحَاكِمِ لِيَرَى رَأْيَهُ فِيهَا؛ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي " الْبِدَايَةِ ": يَدْفَعُهَا إِلَى الْحَاكِمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ خِلَافُهُ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَتَتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ فِيمَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ مِنَ اللُّصُوصِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ فِي اللُّقَطَةِ يَبِيعُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ (وَعَنْهُ: لَا تُمْلَكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>