للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ حَرَامٌ، رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَإِذا قَالَ لِعَبْدِهِ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ: أَنْتَ ابْنِي، لَمْ يَعْتِقْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ وَإِذَا أَعْتَقَ حَامِلًا، عَتَقَ جَنِينُهَا إِلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ، وَإِنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا دُونَهَا عَتَقَ وَحْدَهُ.

وَأَمَّا الْمِلْكُ، فَمَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

حَرَامٌ، كَقَوْلِهِ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْكَ، وَالْأُخْرَى: لَا يُعْتَقُ بِهِ، وَإِنْ نَوَى ; لِأَنَّ الرِّقَّ مِلْكٌ لَا يُسْتَدْرَكُ بِالرَّجْعَةِ، فَلَمْ يَزَلْ بِمَا ذُكِرَ كَمِلْكِ بَقِيَّةِ الْمَالِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، يَنْوِي بِهِ الْعِتْقَ، أَنَّهَا لَا تُعْتَقُ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَفْظٌ وُضِعَ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنِ الْمَنْفَعَةِ، فَلَمْ يَزُلْ بِهِ الْمِلْكُ عَنِ الرَّقَبَةِ، كَفَسْخِ الْإِجَارَةِ، وَكَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلِيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَعَنْهُ: كِنَايَةٌ يُعْتَقُ بِهِ إِنْ نَوَى ; لِأَنَّ الرِّقَّ أَحَدُ الْمِلْكَيْنِ عَلَى الْآدَمِيِّ، فَيَزُولُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ كَالْآخَرِ، وَكَالْحُرِّيَّةِ فِي إِزَالَةِ النِّكَاحِ، وَعَنْهُ لَا تُطَلَّقُ إِذَا أَضَافَ إِلَيْهَا الْحُرِّيَّةَ.

(وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ أَنْتَ ابْنِي، لَمْ يُعْتَقْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي) كَقَوْلِهِ لِمَنْ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ: أَنْتَ ابْنِي فِي الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُكَ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ، وَفِي الِانْتِصَارِ: إِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ ابْنِي، وَلِعَبْدِهِ: أَنْتَ بِنْتِي: لَمْ يُعْتَقْ (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَقَ) هَذَا وَجْهٌ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ; لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِمَا تَثْبُتُ بِهِ حُرِّيَّتُهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا، وَالْأَوَّلُ: الْمَذْهَبُ ; لِأَنَّهُ قَوْلٌ يَتَحَقَّقُ كَذِبُهُ فِيهِ، كَمَا لَوْ قَالَ لِطِفْلٍ: هَذَا أَبِي، وَلِطِفْلَةٍ: هَذِهِ أُمِّي، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ، وَهِيَ أَسَنُّ مِنْهُ: هَذِهِ ابْنَتِي، أَوْ قَالَ لَهَا وَهُوَ أَسَنُّ مِنْهَا: هَذِهِ أُمِّي، لَمْ تُطَلَّقْ، فَكَذَا هُنَا، أَمَّا إِذَا أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ، لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَقِيلَ: لَا لِكَذِبِهِ شَرْعًا، وَمِثْلَهُ لِأَصْغَرَ: أَنْتَ أَبِي، وَفِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ مِثْلُهُ يُوَلَدُ لِمِثْلِهِ مُطْلَقًا عَتَقَ، وَإِلَّا فَلَا.

(وَإِذَا أَعْتَقَ حَامِلًا، عَتَقَ جَنِينُهَا) لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأُمِّهِ، بِدَلِيلِ دُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ (إِلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ) فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ، وَقَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ أَحْمَدُ: أَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْعِتْقِ، وَلَا أَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي الْبَيْعِ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» وَفِيهِ وَجْهٌ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يَصِحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>