للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَعَنْهُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا، فَإِنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ، لَمْ تُسْمَعِ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَا: وَهِيَ مِلْكُهُ، وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِهِ، وَإِنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو وَهِيَ مِلْكُهُ، وَأَقَامَا بِذَلِكَ بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا.

وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ، وَفِي الْكَافِي: إنَّهُ الْأَوْلَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو مُوسَى «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي بَعِيرٍ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ، فَقَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبَعِيرِ بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَاخِلٌ فِي نِصْفِ الْعَيْنِ خَارِجٌ فِي نِصْفِهَا الْآخَرِ، (بِغَيْرِ يَمِينٍ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ لِظَاهِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ (وَعَنْهُ: أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا) ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، فَعَلَى هَذَا: يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى النِّصْفِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ وَكَالْخَبَرَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ.

وَجَوَابُهُ: الْفَرْقُ أَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ فِي نِصْفِ الْعَيْنِ، وَالْبَيِّنَةُ الرَّاجِحَةُ يَحْكُمُ بِهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَنَصَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَسْتَهِمَانِ عَلَى مَنْ يَحْلِفُ، وَتَكُونُ الْعَيْنُ لَهُ، وَنَقَلَهُ صَالِحٌ (وَعَنْهُ: أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ الْقُرْعَةَ مَشْرُوعَةٌ فِي مَوْضِعِ الْإِبْهَامِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا (فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ) لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ لِصَاحِبِهِ (وَأَخَذَهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ الْقُرْعَةِ، وَالْمُقَدَّمُ فِي الْفُرُوعِ: أَنَّهُ يَأْخُذُهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ (فَإِنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ، لَمْ تُسْمَعِ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَا: وَهِيَ مِلْكُهُ، وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِهِ) لِأَنَّ مُجَرَّدَ الشِّرَاءِ لَا يُوجِبُ نَقْلَ الْمِلْكِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَقَعَ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ انْضِمَامِ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ، وَلِأَنَّ مُجَرَّدَ الشِّرَاءِ لَوْ أَفَادَ لَتَمَكَّنَ مَنْ أَرَادَ انْتِزَاعَ مِلْكٍ مِنْ يَدِ شَخْصٍ بِذَلِكَ، بِأَنْ يُوَافِقَ شَخْصًا لَا مِلْكَ لَهُ عَلَى إِيقَاعِ الشِّرَاءِ عَلَى الْمِلْكِ الَّذِي فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَيَنْتَزِعُهُ مِنْهُ، وَذَلِكَ ضَرَرٌ عَظِيمٌ (وَإِنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو وَهِيَ مِلْكُهُ، وَأَقَامَا بِذَلِكَ بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا) لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي السَّبَبِ وَثُبُوتِ الْمِلْكِ وَذَلِكَ يُوجِبُ التَّعَارُضَ.

وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ أَرْضًا. وهو رِوَايَةٌ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>