للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَاهَا مِنْهُ، أَوْ وَقَفَهَا عَلَيْهِ أَوْ أَعْتَقَهُ، قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ، وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِأَبِي خَلَّفَهَا تَرِكَةً، وَأَقَامَتِ امْرَأَتُهُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ أَصْدَقَهَا إِيَّاهَا، فَهِيَ لِلْمَرْأَةِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالثَّانِيَةُ: يُقَدِّمُ أَسْبَقَهُمَا تَارِيخًا، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ لِلْخَارِجِ.

فَرْعٌ: مَنِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِهِ، فَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو حِينَ كَانَتْ مِلْكَهُ، وَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ فَهِيَ لِزَيْدٍ، وَإِلَّا فَلَا.

وَكَذَا دَعْوَى وَقْفِهَا عَلَيْهِ مِنْ عَمْرٍو، وَهِبَتِهَا لَهُ مِنْهُ، وَمَنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ادَّعَاهُ، وَذَكَرَ تَلَقِّيَهُ مَنْ سَمِعَ، وَإِلَّا فَلَا.

وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ، فَهَلْ يَلْزَمُ ذِكْرُ تَلَقِّيهِ مِنْهُ؟ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

إِذَا قَالَ: آجرتك هَذَا الْبَيْتَ بِعَشَرَةٍ، فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: بَلْ جَمِيعُ الدَّارِ، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَقِيلَ: يُقَدَّمُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ (وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَوْ وَقَفَهَا عَلَيْهِ أَوْ أَعْتَقَهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِأَمْرٍ خَفِيٍّ عَلَى بَيِّنَةِ الْمِلْكِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، فَثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْأَوَّلِ وَالشِّرَاءُ مِنْهُ لِلثَّانِي، وَلَمْ تُرْفَعْ يَدُهُ بَلْ تُقِرُّ فِي يَدِهِ، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِأَنَّ بَيِّنَتَهُ مُقَدَّمَةٌ، بِخِلَافِ الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، فَإِنَّ الْيَدَ تُرْفَعُ فِيهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ هُوَ الدَّاخِلُ، كَقَوْلِهِ: أَبْرَأَنِي مِنَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ.

أَمَّا لَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ، طُولِبَ بِالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ يَطُولُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُ بِمِلْكٍ إِلَى حِينِ وَقْفِهِ، وَأَقَامَ وَارِثٌ بَيِّنَةً أَنَّ مُوَرِّثَهُ اشْتَرَاهُ مِنَ الْوَاقِفِ قَبْلَ وَقْفِهِ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ وارث؛ لِأَنَّ مَعَهَا مَزِيدَ عِلْمٍ، كَتَقْدِيمِ مَنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ، وَآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ (وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِأَبِي خَلَّفَهَا تَرِكَةً، وَأَقَامَتِ امْرَأَتُهُ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ أَصْدَقَهَا إِيَّاهَا فَهِيَ لِلْمَرْأَةِ) لِأَنَّ بَيِّنَتَهَا شَهِدَتْ بِالسَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِنَقْلِ الْمِلْكِ، وَقَوْلُ الِابْنِ: إِنَّ أَبَاهُ تَرَكَهَا تَرِكَةً لَا تُعَارِضُهَا، وَإِنَّ نَافِيَهَا فِي مُسْتَنَدِهَا فِيهِ هُوَ الِاسْتِصْحَابُ، وَقَدْ تَبَيَّنَ قَطْعُهُ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى سَبَبِ النَّقْلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ فَيَصْدُقُ الِابْنُ إِنْ حَلَفَ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا كَانَتْ دَارٌ بِيَدِ زَيْدٍ، فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ بِكَذَا وَقُبِلَ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>