للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا تُزِيلُهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ، أَوْ كَافِرٌ، أَوْ بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ، أَوْ مِنَ الْإِسْلَامِ، أَوِ الْقُرْآنِ، أَوِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ إِنْ فَعَلَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: أَنَا أَسْتَحِلُّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالْيَمِينُ عَلَى الشَّيْءِ لَا تُحَرِّمُهُ، فَكَذَا إِذَا حَرَّمَهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُحَرَّمًا لَتَقَدَّمَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ، كَالظِّهَارِ، وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِفِعْلِهِ، وَسَمَّاهُ خَيْرًا، (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إِنْ فَعَلَهُ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] ، يَعْنِي: التَّكْفِيرَ، وَسَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّهُ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ قَالَ: «لَنْ أَعُودَ إِلَى شُرْبِ الْعَسَلِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَزَادَ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا: وَقَدْ حَلَفْتُ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينًا» ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ مَا حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحَرَّمَ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا تُزِيلُهُ الْكَفَّارَةُ) هَذَا وَجْهٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] وَكَتَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ، وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ التَّكْفِيرَ فَلَهُ فِعْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَحِلُّ فِعْلِهِ مَعَ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا تَنَاقُضٌ، وَكَذَا تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ، نَحْوَ: إِنْ أَكَلْتُهُ فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَطَعَامِي عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَالْيَمِينُ تَنْقَسِمُ إِلَى أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الْخَمْسَةِ، وَهَلْ تُسْتَحَبُّ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ، أَوْ تَرْكِ مَعْصِيَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، (وَإِنْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ، أَوْ كَافِرٌ، أَوْ بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ، أَوْ مِنَ الْإِسْلَامِ، أَوِ الْقُرْآنِ، أَوِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا) لِمَا رَوَى ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ بملة غير الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ: «مَنْ قَالَ إِنَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا، لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ، (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ) يَمِينٍ، (إِنْ فَعَلَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>