يَتَكَنَّوْنَ بِكُنَى الْمُسْلِمِينَ كَأَبِي الْقَاسِمِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَرُكُوبِهِمْ بِتَرْكِ الرُّكُوبِ عَلَى السُّرُوجِ، وَرُكُوبِهِمْ عَرْضًا عَلَى الْأُكُفِ، وَلِبَاسِهِمْ، فَيَلْبَسُونَ ثَوْبًا يُخَالِفُ ثِيَابَهُمْ، كَالْعَسَلِيِّ وَالْأَدْكَنِ، وَشَدِّ الْخِرَقِ فِي قَلَانِسِهِمْ وَعَمَائِمِهِمْ، وَيُؤْمَرُ النَّصَارَى بِشَدِّ الزُّنَّارِ فَوْقَ ثِيَابِهِمْ، وَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمْ خَوَاتِيمُ الرَّصَاصِ، أَوْ جُلْجُلٌ يَدْخُلُ مَعَهُمُ الْحَمَّامَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِكُنَى الْمُسْلِمِينَ، كَأَبِي الْقَاسِمِ) ؛ فَإِنَّهَا كُنْيَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ) فَإِنَّهَا كُنْيَةُ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَئِمَّتِهِمْ، وَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا، كَأَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي الْحَسَنِ، مِمَّا هُوَ فِي الْغَالِبِ فِي الْمُسْلِمِينَ. وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنَ التَّكَنِّي مُطْلَقًا قَالَ أَحْمَدُ لِطَبِيبٍ نَصْرَانِيٍّ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، وَاحْتَجَّ بِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلِ عُمَرَ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأُسْقُفِ نَجْرَانَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ» . وَعُمَرُ قَالَ: يَا أَبَا حَسَّانَ، وَفِي " الْفُرُوعِ ": يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يَجُوزُ لِلْمَصْلَحَةِ، وَقَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَيُحْمَلُ مَا رُوِيَ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: يُمْنَعُونَ مِنَ اللَّقَبِ كَعِزِّ الدِّينِ، وَنَحْوِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَرُكُوبِهِمْ) فَلَا يَرْكَبُونَ الْخَيْلَ؛ لِأَنَّهَا عِزٌّ، وَهِيَ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ، وَأَفْضَلُ الْمَرَاكِبِ. وَلَهُمْ رُكُوبُ غَيْرِهَا (بِتَرْكِ الرُّكُوبِ عَلَى السُّرُوجِ) . وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ عَلَى حِمَارٍ. (وَرُكُوبِهِمْ عَرْضًا) رِجْلَاهُ إِلَى جَانِبٍ، وَظَهْرُهُ إِلَى آخَرَ. (عَلَى الْأُكُفِ) جَمْعُ إِكَافٍ، وَهِيَ الْبَرَادِعُ، لِمَا رَوَى الْخَلَّالُ أَنَّ عُمَرَ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ. وَظَاهِرُهُ قَرُبَتِ الْمَسَافَةُ، أَوْ بَعُدَتْ. (وَلِبَاسُهُمْ فَيَلْبَسُونَ ثَوْبًا يُخَالِفُ) سَائِرَ (ثِيَابِهِمْ كَالْعَسَلِيِّ) لِلْيَهُودِ، (وَالْأَدْكَنِ) هُوَ لِبَاسٌ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إِلَى السَّوَادِ، كَالْفَاخِتِيِّ لِلنَّصَارَى (وَشَدِّ الْخِرَقِ فِي قَلَانِسِهِمْ وَعَمَائِمِهِمْ) وَتَكُونُ الْخِرْقَةُ مُخَالِفَةً لَهُمَا، لِيَتَمَيَّزَ مَعَ الثَّوْبِ الْمُخَالِفِ. (وَيُؤْمَرُ النَّصَارَى بِشَدِّ الزُّنَّارِ فَوْقَ ثِيَابِهِمْ) لِأَنَّهُمْ إِذَا شَدُّوهُ مِنْ دَاخِلٍ لَمْ يُرَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ: لَكِنَّ الْمَرْأَةَ تَشُدُّهُ فَوْقَ ثِيَابِهَا تَحْتَ الْإِزَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شُدَّ فَوْقَهُ لَمْ يَثْبُتْ. وَغِيَارُهَا فِي الْخُفَّيْنِ بِاخْتِلَافِ لَوْنِهِمَا، فَإِنْ أَبَوُا الْغِيَارَ، لَمْ يُجْبَرُوا، وَنُغَيِّرُهُ نَحْنُ. (وَيُجْعَلُ فِي رِقَابِهِمْ خَوَاتِيمُ الرَّصَاصِ أَوْ جُلْجُلٌ) وَهُوَ الْجَرَسُ الصَّغِيرُ (يَدْخُلُ مَعَهُمُ الْحَمَّامَ) لِيَحْصُلَ الْفَرْقُ. وَظَاهِرُهُ جَوَازُ دُخُولِهَا الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَاتِ، وَسَيَأْتِي. وَاقْتَضَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute