عَالِمًا بِكَذِبِهِ، وَعَنْهُ: فِيهَا الْكَفَّارَةُ. وَمِثْلُهَا الْحَلِفُ عَلَى مُسْتَحِيلٍ، كَقَتْلِ الْمَيِّتِ وَإِحْيَائِهِ، وَشُرْبِ مَاءِ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ، الثَّانِي: لَغْوُ الْيَمِينِ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ، ف َيَبِينُ بِخِلَافِهِ، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الصَّحِيحِ ـ الَّتِي لَا تَمْحُوهَا الْكَفَّارَةُ، (وَعَنْهُ: فِيهَا الْكَفَّارَةُ) لِأَنَّهَا تَجْمَعُ الْحَلِفَ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُخَالَفَةَ مَعَ الْقَصْدِ، فَوَجَبَتْ فِيهَا الْكَفَّارَةُ كَالْمُسْتَقْبَلِ، وَحِينَئِذٍ يَأْثَمُ، كَمَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ، وَطَلَاقٌ، وَظِهَارٌ، وَحَرَامٌ، وَنَذْرٌ، فَيُكَفِّرُ كَاذِبٌ فِي لِعَانِهِ، (وَمِثْلُهَا الْحَلِفُ عَلَى مُسْتَحِيلٍ، كَقَتْلِ الْمَيِّتِ وَإِحْيَائِهِ، وَشُرْبِ مَاءِ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ) أَمَّا الْمُسْتَحِيلُ عَقْلًا كَصَوْمِ أَمْسِ، وَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، فَإِذَا حَلَفَ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْبِرِّ فِيهَا كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَقَالَ القاضي: تنعقد يَمِينُهُ مُوجِبَةٌ لِلْكَفَّارَةِ فِي الْحَالِ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ اسْتِحَالَتَهُ أَوْ لَا، وَأَمَّا الْمُسْتَحِيلُ عَادَةً كَإِحْيَاءِ الْمَيِّتِ وَقَلْبِ الْأَعْيَانِ، فَإِذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَقَطَعَ بِهِ السَّامِرِيُّ، لِأَنَّهُ يَتَصَوَّرُ وُجُودَهُ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ مَأْيُوسٌ مِنْهُ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ كَالَّتِي قَبْلَهَا، قَالَهُ فِي الْكَافِي، وَجَزَمَ بِهِمَا فِي الْوَجِيزِ، وَفِي الرِّعَايَةِ أَوْجُهٌ: ثَالِثُهَا: تَنْعَقِدُ فِي الْمَحَالِّ عَادَةً فَقَطْ.
(الثَّانِي: لَغْوُ الْيَمِينِ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ) مَاضٍ، (يَظُنُّهُ فَيُبَيَّنُ بِخِلَافِهِ، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا) وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعًا، وَفِي الْكَافِي: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] وَهَذَا مِنَّةٌ، وَلِأَنَّهُ يَكْثُرُ، فَلَوْ وَجَبَتْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ لَشَقَّ وَتَضَرَّرُوا بِهِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ شَرْعًا، وَكَيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَعَنْهُ: فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَيْسَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ بِمَعْنَاهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: أَيْمَانُ اللَّغْوِ مَا كَانَ فِي الْمِرَاءِ، وَالْمُزَاحَةِ، وَالْهَزْلِ، وَالْحَدِيثِ الَّذِي لَا يُعْقَدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ، وَأَيْمَانُ الْكَفَّارَةِ كُلُّ يَمِينٍ حُلِفَ عَلَيْهَا عَلَى جِدٍّ مِنَ الْأَمْرِ، فِي غَضَبٍ أَوْ غَيْرِهِ. إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَاحْتَجَّ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنِ الْأَكْثَرِ: أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ أَنْ يَحْلِفَ بِاللَّهِ عَلَى أَمْرٍ يَظُنُّهُ فَيَتَبَيَّنُ بِخِلَافِهِ، سَوَاءٌ قَصَدَهُ أَمْ لَمْ يَقْصِدْهُ، وَخَصَّهُ أَحْمَدُ بِالْمَاضِي فَقَطْ، وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute