أَسِيرًا. وَفِي أَمَانِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَانِ، وَيَصِحُّ أَمَانُ الْإِمَامِ لِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَمَانُ الْأَمِيرِ لِمَنْ جُعِلَ بِإِزَائِهِ، وَأَمَانُ أَحَدِ الرَّعِيَّةِ لِلْوَاحِدِ وَالْعَشْرَةِ، وَالْقَافِلَةِ. وَمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ: أَنْتَ آمِنٌ، أَوْ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، أَوْ: أَجَرْتُكَ، أَوْ: قِفْ، أَوْ: أَلْقِ سِلَاحَكَ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْحُرَّ الْمُطْلَقَ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَمَانِ، لَمْ يَصِحَّ، فَلَا حَاجَةَ لِاخْتِصَاصِ الْأَسِيرِ بِهِ.
(وَفِي أَمَانِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ رِوَايَتَانِ) ؛ إِحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ، لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ، كَالْمَجْنُونِ، وَالثَّانِيَةُ: تَصِحُّ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ عَاقِلٌ، فَصَحَّ مِنْهُ كَالْبَالِغِ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ مُنَجَّزًا، وَمُعَلَّقًا بِشَرْطٍ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ مُخْتَارًا. وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " وَفِي جَوَازِ إِقَامَتِهِمْ بِدَارِنَا هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا جِزْيَةٍ، وَجْهَانِ. وَشَرَطَ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " لِصِحَّتِهِ مَعْرِفَةَ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ الْإِجْمَاعَ فِي الْمَرْأَةِ بِدُونِ هَذَا الشَّرْطِ (وَيَصِحُّ أَمَانُ الْإِمَامِ لِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ) لِأَنَّ وَلَايَتَهُ عَامَّةٌ (وَأَمَانُ الْأَمِيرِ لِمَنْ جُعِلَ بِإِزَائِهِ) أَيْ: بِحِذَائِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْوَلَايَةَ عَلَيْهِمْ فَقَطْ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَآحَادِ الْمُسْلِمِينَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ (وَأَمَانُ أَحَدِ الرَّعِيَّةِ) قَالَ: الْجَوْهَرِيُّ الرَّعِيَّةُ: الْعَامَّةُ. (لِلْوَاحِدِ وَالْعَشْرَةِ وَالْقَافِلَةِ) كَذَا ذَكَرَهُ مُعْظَمُهُمْ، لِعُمُومِ الْخَبَرِ؛ فَقِيلَ: لِقَافِلَةٍ صَغِيرَةٍ، وَحِصْنٍ صَغِيرٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَجَازَ أَمَانَ الْعَبْدِ لِأَهْلِ الْحِصْنِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَهْلِ بَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ، وَلَا رُسْتَاقَ وَجَمْعٍ كَبِيرٍ، لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى تَعْطِيلِ الْجِهَادِ، وَالِافْتِئَاتِ عَلَى الْإِمَامِ، وَأُطْلِقَ فِي " الرَّوْضَةِ " كَحِصْنٍ أَوْ بَلَدٍ، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُجَارَ عَلَى الْأَمِيرِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَقِيلَ: لِمِائَةٍ.
فَرْعٌ: يَصِحُّ أَمَانُ غَيْرِ الْإِمَامِ لِلْأَسِيرِ بَعْدَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، فَيَعْصِمُهُ مِنَ الْقَتْلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِقِصَّةِ زَيْنَبَ فِي أَمَانِهَا لِزَوْجِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي فِي " الْمُجرد ": لَا يَصِحُّ إِلَّا مِنَ الْإِمَامَ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْأَسِيرِ إِلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ الِافْتِئَاتُ عَلَيْهِ.
(وَمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ: أَنْتَ آمِنٌ) فَقَدْ أَمَّنَهُ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute