وَاحِدٌ مِنْهَا كَالْوَصِيَّةِ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِكَلْبٍ أَوْ طَبْلٍ، وَلَهُ مِنْهَا مُبَاحٌ وَمُحَرَّمٌ، انْصَرَفَ إِلَى الْمُبَاحِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مُحَرَّمٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ، وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا عُلِمَ مِنْ مَالِهِ وَمَا لَمْ يَعْلَمْ، وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ، فَاسْتَحْدَثَ مَالًا، دَخَلَ ثُلُثُهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَإِنْ قُتِلَ وَأُخِذَتْ دِيَتُهُ، فَهَلْ تَدْخُلُ الدِّيَةُ فِي الْوَصِيَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
عَادَةً، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَتَرَهَا؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا، وَقِيلَ: بَلَى، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا إِلَّا بِهِ فَكَانَ كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا.
(وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِكَلْبٍ أَوْ طَبْلٍ وَلَهُ مِنْهَا مُبَاحٌ) كَكَلْبِ الصَّيْدِ، وَطَبْلِ الْحَرْبِ (وَمُحَرَّمٌ) كَضِدِّهِمَا وَكَالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ (انْصَرَفَ إِلَى الْمُبَاحِ) لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً مُبَاحَةً، وَوُجُودُ الْمُحَرَّمِ كَعَدَمِهِ شَرْعًا، فَلَا يَشْمَلُهُ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِمَا مَعًا.
١ -
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مُحَرَّمٌ، لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَرَّمِ مَعْصِيَةٌ، فَلَمْ تَصِحَّ كَالْكَنِيسَةِ، فَلَوْ كَانَ طَبْلٌ إِذَا فُصِلَ صَلَحَ لِلْحَرْبِ، لَمْ يَصِحَّ، وَيَلْحَقُ بِطَبْلِ اللَّهْوِ الْمِزْمَارُ وَالطُّنْبُورُ وَعُودُ اللَّهْوِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ فِيهِ الْأَوْتَارُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُهَيَّأٌ لِفِعْلِ الْمَعْصِيَةِ، وَتُبَاحُ الْوَصِيَّةُ بِالدُّفِّ الْمُبَاحِ لِلْخَبَرِ (وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا عُلِمَ مِنْ مَالِهِ) اتِّفَاقًا (وَمَا لَمْ يُعْلَمْ) أَيْ: تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِ الْمَوْجُودِ، وَإِنْ جَهِلَهُ، وَعَنْهُ إِنْ عَلِمَ بِهِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَرَبِيعَةَ، إِلَّا فِي الْمُدَبَّرِ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ لَفْظٌ عَامٌّ، فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَا يَعْلَمُ بِهِ مِنْ مَالِهِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِثُلُثِهِ.
(وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ، فَاسْتَحْدَثَ مَالًا) قَبْلَ مَوْتِهِ (دَخَلَ ثُلُثُهُ فِي الْوَصِيَّةِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ التِّلَادِ وَالْمُسْتَفَادِ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ مِنْ مَالِهِ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ، وَتُقْضَى مِنْهُ دُيُونُهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَعَنْهُ: يَعُمُّ الْمُتَجَدِّدَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ، أَوْ قَوْلِهِ بِثُلُثِي يَوْمَ أَمُوتُ (وَإِنْ قُتِلَ) عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (وَأُخِذَتْ دِيَتُهُ، فَهَلْ تَدْخُلُ الدِّيَةُ فِي الْوَصِيَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا، وَهِيَ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ: تَدْخُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute