للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَيَّنَةً، صَحَّ، فَإِذَا أَوْصَى بِهَا أَبَدًا، فَلِلْوَرَثَةِ عِتْقُهَا وَبَيْعُهَا، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إِلَّا لِمَالِكِ نَفْعِهَا، وَلَهُمْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا وَأَخْذُ مَهْرِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

مِنَ الثُّلُثِ، أُجِيزَ مِنْهَا بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَقَالَ: إِذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً، لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الثُّلُثِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ تَسْلِيمِ خِدْمَتِهِ سَنَةً، وَبَيْنَ ثُلُثِ الْمَالِ، وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يَخْدِمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ، حَتَّى يُسْتَكْمَلَ مِنْهُ، فَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ بَيْعَهُ بِيعَ، وَلَنَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، فَوَجَبَ تَنْفِيذُهَا عَلَى صِفَتِهَا، فَإِنْ أُرِيدَ تَقْوِيمُهَا، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ مُقَيَّدَةٌ بِمُدَّةٍ، قُوِّمَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، ثُمَّ تُقَوَّمُ الْمَنْفَعَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَيُنْظَرُ كَمْ قِيمَتُهَا.

فَرْعٌ: لِلْمُوصَى لَهُ بِنَفْعِ الْعَبْدِ أَوِ الدَّارِ إِجَارَتُهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَلَهُ إِخْرَاجُ الْعَبْدِ عَنِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِنَفْعِهِ، فَمَلَكَ إِخْرَاجَهُ، وَإِجَارَتَهُ كَالْمُسْتَأْجِرِ.

(فَلَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِمَنَافِعِ أَمَتِهِ أَبَدًا، أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، صَحَّ) لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ بِمَنْفَعَةٍ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ بِهَا (فَإِذَا أَوْصَى بِهَا أَبَدًا فَلِلْوَرَثَةِ عِتْقُهَا) لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ، وَمَنَافِعُهَا لِلْمُوصَى لَهُ، وَلَا يُرْجَعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِشَيْءٍ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَهَا صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ لَمْ تَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لِلرَّقَبَةِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُهَا، فَإِنْ وَهَبَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ مَنَافِعَهُ لِلْعَبْدِ أَوْ أَسْقَطَهَا عَنْهُ، صَحَّ، وَلِلْوَرَثَةِ الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ، (وَ) لَهُمْ (بَيْعُهَا) لِأَنَّهَا أَمَةٌ مَمْلُوكَةٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا، فَصَحَّ بَيْعُهَا لِغَيْرِهَا، وَتُبَاعُ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، وَيَقُومُ الْمُشْتَرِي مَقَامَ الْبَائِعِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا تُبَاعُ؛ لِأَنَّ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْحَشَرَاتِ، وَرُدَّ: بِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إِعْتَاقُهَا، وَتَحْصِيلُ وِلَايَتِهَا، وَثَوَابِ عِتْقِهَا بِخِلَافِ الْحَشَرَاتِ.

(وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا إِلَّا لِمَالِكِ نَفْعِهَا) لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ لَهُ الرَّقَبَةُ وَالْمَنْفَعَةُ، فَيَنْتَفِعُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِمَالِكِ الشَّجَرِ، وَبَيْعِ الزَّرْعِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَفِي كِتَابَتِهَا الْخِلَافُ.

(وَلَهُمْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا) أَيْ: بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِتَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّ مَالِكَ الْمَنْفَعَةِ لَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا، وَصَاحِبَ الْمَنْفَعَةِ يَتَضَرَّرُ بِهِ، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، جَازَ، وَإِنْ طَلَبَتِ التَّزْوِيجَ، وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ لَحِقَهَا وَهُوَ مُقْدِمٌ عَلَيْهَا، وَوَلِيُّهَا مَالِكُ الرَّقَبَةِ، وَقِيلَ: هُمَا (وَ) لَهُمْ (أَخْذُ مَهْرِهَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>