الْجِدَادِ، أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ إِلَيْهِ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِذَا جَاءَهُ بِالسَّلَمِ قَبْلَ مَحِلِّهِ وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ لَزِمَهُ قَبْضُهُ، وَإِلَّا فَلَا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَا يَصْلُحُ لِلْأَجَلِ، وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَبْتَاعُ إِلَى الْعَطَاءِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الْعَطَاءِ لَا فِعْلِهِ، فَإِنَّ نَفْسَ الْعَطَاءِ يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ فَهُوَ مَجْهُولٌ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَ الْعَطَاءِ لِكَوْنِهِ يَتَقَارَبُ أَشْبَهَ الْحَصَادَ، وَلِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ يَسِيرٌ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ كَرَأْسِ السَّنَةِ، وَعُلِمَ مِنْهُ وَجْهُ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ إِلَيْهِمَا.
فَرْعٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ فِي الْأَشْهُرِ فِي اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ، وَقَدْرِهِ وَبَقَائِهِ وَفَرَاغِهِ (وَإِذَا جَاءَهُ بِالسَّلَمِ) أَيْ: الْمُسْلَمُ فِيهِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَفْعُولُ، كَمَا يُعَبَّرُ عَنِ السَّرِقَةِ بِالْمَسْرُوقِ وَبِالرَّهْنِ عَنِ الْمَرْهُونِ (قَبْلَ مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ لَزِمَهُ قَبْضُهُ) ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ حَاصِلٌ مَعَ زِيَادَةِ تَعْجِيلِ الْمَنْفَعَةِ فَجَرَى مَجْرَى زِيَادَةِ الصِّفَةِ، وَهَذَا فِيمَا لَا يَتَغَيَّرُ كَالْحَدِيدِ، وَالنُّحَاسِ، وَلَا يَخْتَلِفُ قَدِيمُهُ وَحَدِيثُهُ كَالزَّيْتِ، وَالْعَسَلِ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: إِذَا أَحْضَرَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَفِي قَبْضِهِ ضَرَرٌ لَا يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ، وَهُوَ صَادِقٌ بِصُوَرٍ إِمَّا لِكَوْنِهِ مِمَّا يَتَغَيَّرُ كَالْفَاكِهَةِ، وَالْأَطْعِمَةِ، أَوْ كَانَ قَدِيمُهُ دُونَ حَدِيثِهِ كَالْحُبُوبِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَأْخِيرِهِ بِأَنْ يَحْتَاجَ إِلَى أَكْلِهِ، أَوْ إِطْعَامِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا لَمْ يَأْمَنْ تَلَفَهُ وَيَحْتَاجُ إِلَى نَفْعِهِ، وَكَذَا مَا يَحْتَاجُ فِي حِفْظِهِ إِلَى مُؤْنَةٍ كَالْقُطْنِ، أَوْ كَانَ الْوَقْتُ مُخَوِّفًا فَهُوَ كَنَقْصِ صِفَةٍ فِيهِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ " إِنْ كَانَ مِمَّا يَتْلَفُ، أَوْ يَتَغَيَّرُ قَدِيمُهُ وَحَدِيثُهُ لَزِمَهُ قَبْضُهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا أَحْضَرَهُ فِي مَحِلِّهِ لَزِمَهُ قَبْضُهُ مُطْلَقًا كَالْمَبِيعِ الْمُعِيَّنِ، فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ قِيلَ لَهُ: إِمَّا أَنْ تَقْبِضَ، أَوْ تُبْرِي، فَإِنْ أَصَرَّ بَرِئَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " فِي الْمَكْفُولِ بِهِ، وَالْأَشْهَرُ يَرْفَعُهُ إِلَى الْحَاكِمِ فَيَنُوبُ عَنْهُ فِي قَبْضِهِ لَا إِبْرَائِهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْحَاكِمِ كَقَبْضِ الْمَالِكِ، وَهَذَا فِيمَا إِذَا أَتَاهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى صِفَتِهِ.
فَرْعٌ: حُكْمُ كُلِّ دَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ إِذَا أَتَى بِهِ كَذَلِكَ، وَنَقَلَ بَكْرٌ وَحَنْبَلٌ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ لَا يَلْزَمُهُ، ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ فَيُرَقُّ، وَلِأَنَّ بَقَاءَهُ فِي مِلْكِهِ حَقٌّ لَهُ لَمْ يَرْضَ بِزَوَالِهِ وَمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ عَنْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَرْضَ رَبُّ الدَّيْنِ، أَوْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ لَمْ يُجْبَرْ رَبُّ الدَّيْنِ، وَالزَّوْجَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute