أَجَلٍ صَحَّ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ أَسْلَمَ إِلَى الْحَصَادِ، أَوِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَحْوَ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ وَآخِرُ يَوْمٍ مِنْهُ مُعَيَّنٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] ، وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ التَّأْجِيلِ بِذَلِكَ، فَلَوْ جَعَلَهُ إِلَى شَهْرِ رَمَضَانَ تَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِ، وَكَذَا إِنْ قَالَ: مَحِلُّهُ شَهْرُ كَذَا يَصِحُّ، وَقِيلَ: لَا، وَلَوْ قَالَ: إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَانَ إِلَى انْقِضَائِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً كَانَ ابْتِدَاؤُهَا حِينَ تَلَفُّظِهِ بِهَا، وَإِنْ قَالَ: إِلَى شَهْرِ كَذَا انْصَرَفَ إِلَى الْهِلَالِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي أَثْنَائِهِ، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالْعَدَدِ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِاسْمٍ يَتَنَاوَلُ شَيْئَيْنِ كَرَبِيعٍ وَجُمَادَى، وَالْعِيدِ انْصَرَفَ إِلَى أَوَّلِهِمَا، قَطَعَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " مَذْهَبًا وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَا إِذَا عُيِّنَ الْوَقْتُ كَعِيدِ الْفِطْرِ، أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْعِلْمِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا بِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ وَكَانَ مِمَّا يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ كَشُبَاطَ، أَوْ عِيدًا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ كَالنَّيْرُوزِ، وَالْمَهْرَجَانِ، صَحَّ. ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَشْبَهَ عِيدَ الْمُسْلِمِينَ.
وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَابْنِ أَبِي مُوسَى وابن عبدوس: لَا، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ إِلَى السَّعَانِينَ وَعِيدِ الْفَطِيرِ مِمَّا يَجْهَلُهُ الْمُسْلِمُونَ غَالِبًا، وَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَجَلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُتَعَاقِدِينَ، أَوْ أَحَدِهِمَا لَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ (فَإِنْ أَسْلَمَ إِلَى الْحَصَادِ، أَوِ الْجِدَادِ، أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ إِلَيْهِ، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَجَّلَ إِلَى الْحَصَادِ، وَالْجِدَادِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تَتَبَايَعُوا إِلَى الْحَصَادِ، وَالدِّيَاسِ، وَلَا تَتَبَايَعُوا إِلَّا إِلَى شَهْرٍ مَعْلُومٍ، وَلِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ أَجَلًا كَقُدُومِ زَيْدٍ، لَا يُقَالُ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ إِلَى يَهُودِيٍّ أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ ثَوْبَيْنِ إِلَى الْمَيْسَرَةِ» ، لِأَنَّهُ رَوَاهُ حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ.
قَالَ أَحْمَدُ: فِيهِ غَفْلَةٌ، وَهُوَ صَدُوقٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَفَلَانِهِ حَيْثُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَا خِلَافَ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute