للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَالًّا، أَوْ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ، لَمْ يَصِحَّ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَجْزَاءً مَعْلُومَةً، فَيَصِحَّ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي جِنْسٍ إِلَى أَجَلَيْنِ، أَوْ فِي جِنْسَيْنِ إِلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِنَّمَا اعْتُبِرَ لِيَتَحَقَّقَ الْمَرْفِقُ الَّذِي شُرِّعَ مِنْ أَجْلِهِ السَّلَمُ، فَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْمُدَّةِ الَّتِي لَا وَقْعَ لَهَا فِي الثَّمَنِ (وَنَحْوِهِ) ، وَفِي " الْكَافِي " كَنِصْفِهِ، وَفِي " الشَّرْحِ "، وَمَا قَارَبَ الشَّهْرَ (فَإِنْ أَسْلَمَ حَالًّا) لَمْ يَصِحَّ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ حَالًّا، ذَكَرَهَا الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: لَا يُحْتَاجُ إِلَى مُدَّةٍ، وَهُوَ قِيَاسٌ، وَلَكِنْ إِلَى أَجَلٍ أَحَبُّ إِلَيَّ وَهِيَ مَعَ بَقِيَّةِ النُّصُوصِ تَدُلُّ عَلَى الْأَجَلِ الْقَرِيبِ، لَكِنْ إِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، صَحَّ حَالًّا.

قَالَ الْقَاضِي: وَيَجُوزُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " (أَوْ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ) لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، وَهُوَ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا وَقْعَ لَهُ فِي الثَّمَنِ، وَعَنْهُ: أَنَّ الْأَجَلَ شَرْطٌ، وَلَوْ كَانَ يَوْمًا ذَكَرَهَا الْقَاضِي، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إِلَى شَهْرٍ (إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ أَجْزَاءً مَعْلُومَةً، فَيَصِحَّ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، إِذِ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ التَّعْمِيمُ فِي كُلِّ مَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فَإِنْ أَسْلَمَ فِي لَحْمٍ، أَوْ خُبْزٍ يَأْخُذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْطَالًا مَعْلُومَةً جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَظَاهَرُهُ اخْتِصَاصُ الْجَوَازِ بِهِمَا وَنَصَرَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا إِذَا قُبِضَ الْبَعْضُ وَتَعَذَّرَ قَبْضُ الْبَاقِي رَجَعَ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَلَا يُجْعَلُ الْبَاقِي فَضْلًا عَلَى الْمَقْبُوضِ لِتَمَاثُلِ أَجْزَائِهِ فَيُقَسَّطُ الثَّمَنُ بِالسَّوِيَّةِ، كَمَا إِذَا بَيَّنَ أَجَلَهُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ إِنْ بَيَّنَ قِسْطَ كُلِّ أَجَلٍ وَثَمَنَهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ فِي جِنْسٍ إِلَى أَجَلَيْنِ) صَحَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيْعٍ جَازَ إِلَى أَجَلٍ جَازَ إِلَى أَجَلَيْنِ وَآجَالٍ كَبُيُوعِ الْأَعْيَانِ (أَوْ فِي جِنْسَيْنِ إِلَى أَجَلٍ، صَحَّ) كَالْبَيْعِ (وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مُقَدَّرًا بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ) ، فَعَلَى هَذَا يُسْلِمُ إِلَى وَقْتٍ يُعْلَمُ بِالْأَهِلَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>