للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الْعُرُوضِ، وَلَا تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَهَا بِفِعْلِهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ بِهَا، فَإِنْ مَلَكَهَا بِإِرْثٍ، أَوْ مَلَكَهَا بِفِعْلِهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، ثُمَّ نَوَى التِّجَارَةَ لَمْ تَصِرْ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا زَكَاةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ، قَالَ: وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَثْبَتَ لَهُ قَوْلًا فِي الْقَدِيمِ: لَا يَجِبُ، وَحَكَاهُ أَحْمَدُ عَنْ مَالِكٍ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ» ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْجَمَاهِيرِ، وَادَّعَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ نَامٍ، فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالسَّائِمَةِ، وَخَبَرُهُمُ الْمُرَادُ بِهِ زَكَاةُ الْعَيْنِ لَا الْقِيمَةِ، عَلَى أَنَّ خَبَرَنَا خَاصٌّ؛ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى خَبَرِهِمُ الْعَامِّ (إِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا) وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ نَامٍ، فَاعْتُبِرَ لَهُ مَا ذَكَرْنَا، كَالْمَاشِيَةِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ النِّصَابِ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ ثُمَّ زَادَتِ الْقِيمَةُ فَبَلَغَتْهُ ابْتُدِئَ حِينَئِذٍ، كَسَائِرِ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ (وَيُؤْخَذُ مِنْهَا) أَيْ: مِنَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْوُجُوبِ كَالدَّيْنِ، رُبْعُ الْعُشْرِ، وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْقِيمَةِ (لَا مِنَ الْعُرُوضِ) إِلَّا أَنْ يَقُولَ بِإِخْرَاجِ الْقِيمَةِ، فَيَجُوزُ بِقَدْرِهَا وَقْتَ الْإِخْرَاجِ، وَتَتَكَرَّرُ الزَّكَاةُ لِكُلِّ حَوْلٍ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَلَا تَصِيرُ) الْعُرُوضُ (لِلتِّجَارَةِ إِلَّا) بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا (أَنْ يَمْلِكَهُ بِفِعْلِهِ) سَوَاءٌ كَانَ بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ أَوْ لَا، كَالْهِبَةِ وَالْغَنِيمَةِ، هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ، وَأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الْمُعَاوَضَةُ؛ لِظَاهِرِ خَبَرِ سَمُرَةَ، وَلِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِفِعْلِهِ، وَاخْتَارَ فِي " الْمُجَرَّدِ " أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْمُعَاوَضَةَ مَحْضَةً كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ أَوْ لَا، كَنِكَاحٍ، وَخُلْعٍ، وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عُمَدٍ. قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ نَصُّهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ وَالْهِبَةَ لَيْسَتَا مِنْ جِهَاتِ التِّجَارَةِ كَالْمَوْرُوثِ، وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْعِوَضِ نَقْدًا، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، لِاعْتِبَارِ النِّصَابِ بِهِمَا، فَيُعْتَبَرُ أَصْلُ وُجُودِهِمَا. الثَّانِي: وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ بِهَا) عِنْدَ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ، وَالتِّجَارَةَ عَمَلُهُ، فَوَجَبَ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِهِ كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ؛ وَلِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ فِي الْأَصْلِ لِلِاسْتِعْمَالِ، فَلَا يَضُرُّ لِلتِّجَارَةِ إِلَّا بِنِيَّتِهَا، كَعَكْسِهِ، وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ فِي كُلِّ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ أَمْكَنَ اعْتِبَارُهُ فِي جَمِيعِهِ، فَوَجَبَ كَالنِّصَابِ (فَإِنْ مَلَكَهَا بِإِرْثٍ) وَلَوْ نَوَاهَا (وَمَلَكَهَا بِفِعْلِهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، ثُمَّ نَوَى التِّجَارَةَ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>