بِشَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ بَقَاؤُهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ تَرْكُهُ بِالْأُجْرَةِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَزِمَ تَرْكُهُ بِالْأُجْرَةِ.
وَإِذَا تَسَلَّمَ الْعَيْنَ فِي الْإِجَارَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَفَ مَا بَنَاهُ أَوْ لَا، وَهَذَا مَا لَمْ يَقْلَعْهُ مَالِكُهُ، وَلَمْ يَكُنِ الْبِنَاءُ مَسْجِدًا، وَنَحْوَهُ فَلَا يُهْدَمُ، اخْتَارَهُ فِي " الْفُنُونِ " وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فَإِنْ قُلْتَ: هَلَّا مَلَكَ الْقَلْعَ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ النَّقْصِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ ; لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ يَقْتَضِي تَفْرِيغَهَا عِنْدَ انْقِضَائِهَا كَالْمُسْتَأْجِرة لِلزَّرْعِ، قُلْتُ: لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الظَّالِمِ لَهُ حَقٌّ، وَهُنَا كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ غَرَسَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَلْعَهُ فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ النَّقْصِ كَمَا لَوِ اسْتَعَارَهَا لِلْغَرْسِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا، فَإِنْ شَرَطَ فِيهَا بَقَاءَ غَرْسٍ فَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَإِطْلَاقِهِ فَإِنِ اخْتَارَ رَبُّ الْأَرْضِ الْقَلْعَ فَهُوَ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ، قَالَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَغَيْرِهِ، وَإِنِ اخْتَارَهُ مَالِكُهُ لَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ "، وَغَيْرِهِمَا (وَإِنْ شَرَطَ قَلْعَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ) وَفَاءً بِمُوجِبِ شَرْطِهِ، فَإِنْ قُلْتَ: إِذَا كَانَ إِطْلَاقُ الْعَقْدِ فِيهِمَا يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ فَشَرْطُ الْقَلْعِ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيُفْسِدُهُ؟ قُلْتُ: اقْتِضَاؤُهُ التَّأْبِيدَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْعَادَةَ تَبْقِيَتُهُمَا، فَإِذَا أَطْلَقَهُ حُمِلَ عَلَى الْعَادَةِ، فَإِذَا شَرَطَ خِلَافَهُ جَازَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ غَرَامَةُ نَقْصٍ (وَلَمْ يَجِبْ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ لِرِضَاهُمَا بِالْقَلْعِ (إِلَّا بِشَرْطٍ) لِمَا ذَكَرْنَا فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى إِبْقَائِهِ بِأُجْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا جَازَ إِذَا شَرَطَا مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَغْرِسَ وَيَبْنِيَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إِذَا اسْتَأْجَرَهَا لِذَلِكَ، فَإِذَا انْقَضَتْ فَلَا (وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَرْعٌ بَقَاؤُهُ بِتَفْرِيطِ الْمُسْتَأْجِرِ) مِثْلَ أَنْ يَزْرَعَ زَرْعًا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِكَمَالِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (فَلِلْمَالِكِ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ) مَا لَمْ يَخْتَرِ الْمُسْتَأْجِرُ قَلْعَ زَرْعِهِ فِي الْحَالِ وَتَفْرِيغَ الْأَرْضِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ، وَقِيلَ: لِلْمَالِكِ أَخْذُهُ بِنَفَقَتِهِ (أَوْ تَرْكُهُ بِالْأُجْرَةِ) أَيْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ ; لِأَنَّهُ أَبْقَى زَرْعَهُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِعُدْوَانِهِ كَالْغَاصِب ِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ نَقْلَ الزَّرْعِ، وَتَفْرِيغَ الْأَرْضِ وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى تَرْكِهِ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ (وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ) مِثْلَ أَنْ يَزْرَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute