للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَذُوا فِي حَالِ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ زَكَاةٍ، أَوْ خَرَاجٍ، أَوْ جِزْيَةٍ لَمْ يُعَدْ عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى صَاحِبِهِ. وَمَنِ ادَّعَى دَفْعَ زَكَاتِهِ إِلَيْهِمْ قُبِلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنِ ادَّعَى ذَمِّيٌ دَفْعَ جِزْيَتِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أُتْلِفَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا ضَرُورَةِ دَفْعٍ مُبَاحٍ، فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَالَّذِي تَلِفَ في غير حَالَ الْحَرْبِ، وَجَوَابُهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ وَلَمْ يُمْضِهِ، ثُمَّ لَوْ وَجَبَ التَّعْزِيرُ فِي حَقِّ الْمُرْتَدِّينَ لَمْ يَلْزَمْ مِثْلُهُ هُنَا، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ تَأْوِيلٌ سَائِغٌ، وَأُولَئِكَ كُفَّارٌ لَا تَأْوِيلَ لَهُمْ، وَإِذَا ضَمِنَ الْمَالَ، فَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ، فَإِنْ أَهْدَرَ فَالْقَوَدُ أَوْلَى (وَمَنْ أَتْلَفَ فِي غَيْرِ حَالِ الْحَرْبِ شَيْئًا ضَمِنَهُ) أَيْ: مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، قَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ "، لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الضَّمَانِ، تَرْكُ الْعَمَلِ بِهِ فِي حَالِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ، وَهَلْ يَتَحَتَّمُ قَتْلُ الْبَاغِي؟ إِذَا قَتَلَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فِي غَيْرِ الْمَعْرَكَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، الْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ، فَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَالصَّحِيحُ إِبَاحَةُ قَتْلِهِمْ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ (وَمَا أَخَذُوا فِي حَالِ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ خَرَاجٍ أَوْ جِزْيَةٍ لَمْ يُعَدْ عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَى صَاحِبِهِ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمْ يُطَالِبْهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا جَبَوْهُ، وَلِأَنَّ فِي تَرْكِ الِاحْتِسَابِ بِهَا ضَرَرًا عَظِيمًا وَمَشَقَّةً كَبِيرَةً، فَإِنَّهُمْ قَدْ يَغْلِبُونَ عَلَى الْبِلَادِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ، فَلَوْ لَمْ يَحْتَسِبْ بِمَا أَخَذُوهُ لَحَصَلَ الضَّرَرُ، وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يُجْزِئُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَى بُغَاةٍ وَخَوَارِجَ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الْخَوَارِجِ، وَيَقَعُ مَوْقِعَهُ، قَالَ الْقَاضِي فِي " الشَّرْحِ ": هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِتَأْوِيلٍ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنَّمَا يَجُوزُ أَخْذُهُمْ إِذَا نَصَّبُوا لَهُمْ إِمَامًا، وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ إِلَيْهِمِ اخْتِيَارًا، وَعَنْ أَحْمَدَ: الْوَقْفُ فِيمَا أَخَذُوهُ مِنْ زَكَاةٍ، فَلَوْ صَرَفَهُ أَهْلُ الْبَغْيِ فِي جِهَتِهِ صَحَّ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَدَفْعُ سَهْمِ الْمُسْتَرْزِقَةِ إِلَى أَجْنَادِهِمْ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ (وَمَنِ ادَّعَى دَفْعَ زَكَاتِهِ إِلَيْهِمْ قُبِلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ) لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُسْتَحْلَفُ النَّاسُ عَلَى صَدَقَاتِهِمْ (وَإِنِ ادَّعَى ذِمِّيٌّ دَفْعَ جِزْيَتِهِ إِلَيْهِمْ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَأْمُونِينَ، وَلِأَنَّهَا عِوَضٌ أَشْبَهَتِ الْأُجْرَةَ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إِذَا مَضَى الْحَوْلُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبُغَاةَ لَا يَدَّعُونَ الْجِزْيَةَ لَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>