تَوْكِيلُ عَبْدِ غَيْرِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنْ وَكَّلَهُ بِإِذْنِهِ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ عَبْدِ غَيْرِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) ، لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّهِ، فَإِذَا أَذِنَ صَارَ كَالْحُرِّ وَكَالتَّصَرُّفِ (وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ) ، لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ (فَإِنَّ وَكَّلَهُ بِإِذْنِهِ) ، وَقِيلَ: أَوْ لَا (فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ) ، وَفِي " الْفُرُوعِ " رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، نَصَرَهَا فِي " الشَّرْحِ "، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدِ غَيْرِهِ فَجَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ كَالْمَرْأَةِ لَمَّا جَازَ تَوْكِيلُهَا فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا جَازَ تَوْكِيلُهَا فِي طَلَاقِ نَفْسِهَا، وَالثَّانِيَةُ: لَا، لِأَنَّ يَدَ الْعَبْدِ كَيَدِ سَيِّدِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ مِنْ نَفْسِهِ وَلِهَذَا يُحْكَمُ لِلْإِنْسَانِ بِمَا فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ ": إِنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يُقَدَّرُ جَعْلُ تَوْكِيلِ الْعَبْدِ كَتَوْكِيلِ سَيِّدِهِ، وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ فِي النِّكَاحِ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ، فَكَذَا هُنَا فَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ: اشْتَرَيْتُ نَفْسِي لِزَيْدٍ وَصَدَّقَاهُ، صَحَّ وَلَزِمَ زَيْدًا الثَّمَنُ، وَإِنْ قَالَ السَّيِّدُ: مَا اشْتَرَيْتَ نَفْسَكَ إِلَّا لِنَفْسِكَ عَتَقَ لِإِقْرَارِ السَّيِّدِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا يَعْتَقُ بِهِ الْعَبْدُ وَيَلْزَمُ الْعَبْدَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ لِسَيِّدِهِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعَقْدِ لَهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ السَّيِّدُ وَكَذَّبَ زِيدٌ نَظَرْتَ فِي تَكْذِيبِهِ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فِي الْوَكَالَةِ حَلَفَ وَبَرِئَ وَلِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْبَيْعِ وَاسْتِرْجَاعُ عَبْدِهِ لِتَعَذُّرِ ثَمَنِهِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْوَكَالَةِ، وَقَالَ: مَا اشْتَرَيْتَ نَفْسَكَ لِي، قُبِلَ قَوْلُ الْعَبْدِ، لِأَنَّ الْوَكِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي التَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ وُكِّلَ الْعَبْدُ فِي إِعْتَاقِ عَبِيدِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي طَلَاقِ نِسَائِهِ لَمْ يَمْلِكْ إِعْتَاقَ نَفْسِهِ، وَلَا هِيَ طَلَاقَ نَفْسِهَا، لِأَنَّهُ بِإِطْلَاقِهِ يَنْصَرِفُ إِلَى التَّصَرُّفِ فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ: بَلَى، لِأَنَّ اللَّفْظَ يَعُمُّهُ، فَلَوْ وَكَّلَ غَرِيمَهُ فِي إِبْرَاءِ نَفْسِهِ، صَحَّ كَتَوْكِيلِ الْعَبْدِ فِي إِعْتَاقِ نَفْسِهِ، فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي إِبْرَاءِ غُرَمَائِهِ لَمْ يَمْلِكْ إِبْرَاءَ نَفْسِهِ فِي الْمَشْهُورِ، كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي حَبْسِ غُرَمَائِهِ، أَوْ خُصُومَتِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute