وَالْحَاكِمُ وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِيمَا لَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ لِكَثْرَتِهِ وَيَجُوزُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي: الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ جَوَازُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ ". وَنَقَلَ فِي " الْمُغْنِي " عَنِ الْقَاضِي فِي الْمُصَرَّاةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَنِيبَ مُطْلَقًا، وَفِي الْوَكِيلِ رِوَايَتَانِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَكِيلَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِئْذَانُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، ثُمَّ قَالَ:
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْوَصِيِّ رِوَايَتَانِ كَالْوَكِيلِ.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْلَى، لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِالْإِذْنِ، أَشْبَهَ الْوَكِيلَ، وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا اقْتَضَتْهُ الْوَصِيَّةُ كَالْوَكِيلِ إِنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا اقْتَضَتْهُ الْوَكَالَةُ، وَيَلْحَقُ بِهَذَا مُضَارِبٌ وَوَلِيٌّ فِي نِكَاحِ غَيْرِ مُجْبَرٍ، وَقِيلَ: يَجُوزُ مِنَ الْوَلِيِّ أَبًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ، قَدَّمَهُ فِي " الشَّرْحِ ".
مَسْأَلَةٌ: يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَنِيبَ مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَفِي " الْفُرُوعِ " إِذَا اسْتَنَابَ حَاكِمٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ إِنْ كَانَ لِكَوْنِهِ أَرْجَحَ، فَقَدْ أَحْسَنَ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الِاسْتِنَابَةُ إِذَا لَمْ يُمْنَعْ إِنْ كَانَ لَهُ الْحُكْمُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَقْلِيدِ غَيْرِ إِمَامِهِ، وَإِلَّا انْبَنَى هَلْ يَسْتَنِيبُ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ كَتَوْكِيلِ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا فِي شِرَاءِ خَمْرٍ، وَأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَنِيبِ، أَوِ الْأَوَّلُ.
(وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِيمَا لَا يَتَوَلَّى مِثْلَهُ بِنَفْسِهِ) أَيْ: إِذَا كَانَ الْعَمَلُ مِمَّا يَرْتَفِعُ الْوَكِيلُ عَنْ مِثْلِهِ كَالْأَعْمَالِ الدَّنِيئَةِ فِي حَقِّ أَشْرَافِ النَّاسِ الْمُرْتَفِعِينَ عَنْ فِعْلِهِ عَادَةً، فَإِنَّ الْإِذْنَ يَنْصَرِفُ إِلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ (أَوْ) كَانَ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ لَكِنَّهُ (يَعْجِزُ عَنْهُ لِكَثْرَتِهِ) ، لِأَنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّوْكِيلِ فَجَازَ فِي جَمِيعِهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِيهِ لَفْظًا.
وَقَالَ الْقَاضِي: عِنْدِي أَنَّهُ يُوَكِّلُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ، لِأَنَّ التَّوْكِيلَ إِنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ، فَاخْتُصَّ بِهَا بِخِلَافِ وُجُودِ إِذْنِهِ، فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ، وَلَا يُوَكِّلُ إِلَّا أَمِينًا إِلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ سِوَاهُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ قَطَعَ نَظَرَهُ بِتَعْيِينِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وَكَّلَ أَمِينًا فَصَارَ خَائِنًا فَلَهُ عَزْلُهُ، لَأَنَّ تَمْكِينَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ مَعَ الْخِيَانَةِ تَفْرِيطٌ، وَوَكِّلْ عَنْكَ وَكِيلُ وَكِيلِهِ وَوَكِّلْ عَنِّي، أَوْ يُطْلِقُ وَكِيلُ مُوَكِّلِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يُوصِي وَكِيلٌ مُطْلَقًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute